الأحد، 23 أكتوبر 2011

العنصرية لا تبني دول من المقالات المنشورة للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

 إذا تأملنا الوضع الراهن لدولة الكويت لأصابنا السكوت قليلا ثم أصابنا القلق كثيرا، فالصورة والمشهد في الكويت الآن يعد قنبلة موقوتة تهدد مستقبل الكويت ولاسيما في ظل هذه السياسات المتبعة، وأنا لا أطرح هذه القضية من قبيل الترهيب والتخويف ولكن من قبيل التذكير والإفاقة والحرص الشديد على مستقبل الوطن، لقد كثرة الأمراض على المناخ الكويتي وكثرت الآفات التي حالت من وجود تنمية حقيقة أو إحراز أي تقدم ملحوظ وقبل أن نعرض لهذه الملابسات والأسباب التي أدت إلى ذلك يجب أن ننظر أولا أين تقع الكويت على خريطة التنمية والتقدم كدولة غنية، فعلى سبيل المثال الزراعة ترى أن المشاريع الزراعية تعاني من مشاكل لأسباب تتعلق بالأيدي العاملة والمردود الاقتصادي لا زالت عاجزة عن تقديم بديل حقيقي أو منافسة جدية، والصناعة لا تخلو من مشاكل التي تقف أمام بناء قاعدة إنتاجية للنفط، فإن الاستثمار تحول إلى أنشطة تجارية مصرفية أكثر منه صناعية انتاجية، وعلى سبيل التعليم لم يقدم لنا التعليم العناصر القادرة على خلق واقع ومستقبل جديد.
وفي ظل كل هذه الأمراض نرى أن السبب الرئيسي يرجع إلى العنصرية التي تنتهجها السياسات الكويتية دون النظر إلى الاعتبارات الإنسانية أو الاجتماعية أو حتى الدينية، إن التمييز والعنصرية سمة بارزة في التعامل داخل الكويت وعلى كافة المستويات وفي كل القطاعات، بداية هناك تمييز في تولي المناصب السياسية يظهر بشكل واضح في موقف المجتمع الكويتي من مجلس الوزراء السابق وغيره، وعلى مستوى العمل في القطاع الحكومي نجد أنه لم يسلم من التمييز أيضا فإن العمل مبني على الواسطة بالإضافة إلى نوعية العمل التي تحددها الواسطة أيضا هذا على مستوى المواطنين، أما على مستوى المواطنين والوافدين نرى أن هناك تمييز وعنصرية أيضا في التعامل مع الوافدين، حيث أن الوافد الذي يقوم بنفس الأعمال التي يقوم بها المواطن يحصل على مقابل أقل بكثير عن نظيره المواطن وهناك بعض المواطنين دوره هامشي بالنسبة للعمل، ترك الحكومة القطاع الخاص حر التصرف مع الوافدين جعل العنصرية حيث أن القوانين تساعد في استغلال الوافدين وعلى رأسها نظام الكفالة الذي شوه صورة الكويت كثيرا في جميع أنحاء العالم، إن التمييز ضد الوافدين ومعاملته بعنصرية في عملهم شيء خطير، لأن نسب هجرة العمال الأجانب إلى دول الخليج بشكل عام بعد سبع عشرة سنة سيجعل أبناء المنطقة المحليون 5% فقط من السكان، كيف لا تنجح الكويت بصفة خاصة في إدارة ملف العمالة الوافدة بشكل يكون له دور في إحداث التقدم داخل الكويت ليس بهدف الاستغلال فقط، وإذا نظرنا إلى العمالة نجد أنها عربية وغير عربية، وبالنسبة للعمالة العربية سوف يعمل استمرار هذه السياسة معها إلى فقد الكثير من العلاقات العربية التي تنشأ بسبب التمييز.
حتى النواحي الاجتماعية لم تخلو من التمييز فأن بعض الكويتيات المتزوجات من غير كويتي يشعرن كأنهن لسن في وطنهن الكويت بسبب معاناتهم من التمييز وعدم معاملة أبنائهم معاملة الكويتي في الإقامة الشرعية الواجبة في البلاد وفرض تأشيرات عليهم وعدم توطينهم وهذا يشكل مشاكل نفسية على الكويتية.
حتى على مستوى الجامعة فلم تخلو من التمييز والعنصرية فنرى أن القبلية والعصبية تسيطر بشكل ملحوظ على الحياة داخل الجامعة، حيث يقوم الطلاب بتسجيل المواد الدراسية عند أساتذة عائلاتهم بهدف الحصول على الدرجات الأعلى.
حتى التجربة الديمقراطية والانتخابات الحرة عززت الولاءات القبلية والطائفية على حساب الدولة المدنية وذلك لأن النظام السياسي التقليدي القائم لم يحمي المواطن بتحقيق العدالة والمساواة مما جعله يلجأ إلى القبيلة التي يشعر بالإمان حينما يعزز إنتمائه إليها.

القضية تكمن في التمييز والعنصرية التي لا يمكن أبدا أن تبني دولة متقدمة، وبدافع القلق الشديد على مستقبل هذا الوطن أدعو المسئولين إلى عدم التعالي وأدعو الجميع إلى تحقيق العدل والمساواة وعدم التمييز وذلك هو الأساس الحقيقي لبناء مجتمع متقدم مستقر وآمن، فإن المبادئ النبيلة لا تتجزأ.
رابط المقال على الجريدة 
الصفحة الرسمية على تويتر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق