الأحد، 23 أكتوبر 2011

الفكر الجديد من المقالات المنشورة للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

تغير فكر الشباب العربي أصبح ملحوظا ومؤثرا في ‬هذه الأيام التي ‬نعيشها بعد الصمت الرهيب الذي ‬خيم على الجميع، ‬نرى فكرا جديدا وعملا رائعا يقوم به الشباب في ‬شتى أنحاء الوطن العربي بعد انعدام الثقة بالنفس، ‬والضعف وعدم القدرة حتى على الشكوى وغياب أي ‬استعداد داخلي ‬للشباب لمواجهة النتائج المترتبة على الشكوى والكلام وعدم الصمت، ‬كان الجميع ‬يلجأ للصمت لدوافع كثيرة.‬
المجتمع العربي ‬بشكل عام مجتمع قائم على العادات والتقاليد الاجتماعية الموروثة، ‬مجتمع يؤمن بالقبلية، ‬والعائلة الكبيرة، ‬وبمكانة الرئيس أو كبير العائلة ودور الوالد، وعلى الصغير احترام الكبير، ‬وعدم الكلام والنقاش وعدم الانتقاد وعدم المطالبة في ‬حضور الكبير . ‬ان كانت هذه العادة شيئا ثابتا في ‬تركيبة الإنسان العربي فمن المهم ايضا أن ‬يتحلى بقيم دينه الأصيلة التي ‬تدعو للحرية والمساواة وتقويم الخطأ وعدم السكوت عن الحق فإن ترك هذه الناحية جعل هناك خلل ولكن الشباب الذكي ‬استطاع ان ‬يجمع بين هذين الأمرين ان ‬يحترم المجتمع الذي ‬يعيش فيه ولكن من خلال عدم السكوت عن الخطأ وعدم الانسياق بلا تفكير في ‬أي ‬طريق.‬
والملفت للنظر ان الشباب استطاع من خلال التقدم التكنولوجي ‬في ‬الاتصال الذي ‬نعيشه الآن ان ‬يتعرف على كثير من الحقائق التي ‬تدعم فكرة الحرية والمساواة والعدالة وكثير من المعاني ‬الفاضلة، ‬التي ‬وجدها مع أبناء جيله وكانوا متشابهين الى حد كبير فيما بينهم وأيضا من خلال الاطلاع على حياة الآخرين في ‬الدول الأخرى أو مقارنة نفسه بأي ‬إنسان آخر يعيش خارج العالم العربي.‬
ان فكرة الحرية والعدالة رغم انها موجودة في ‬نسيج التركيبة العربية بحكم دينه العظيم إلا ان ما حدث على العالم العربي ‬في ‬السنوات الأخيرة جعلها مستحيلة.‬
ولكن تغير فكر الشباب الذي ‬استطاع ان يقول للجميع ان الشباب موجودون وانهم ‬يمتلكون الكثير من الطاقات والإبداعات والقدرات التي ‬ستغير شكل العالم العربي وفاجأ الشباب الجميع بهذا الفكر .‬
فاستطاع هذا الفكر ان ‬يسقط نظام ‬يراه ظالما في ‬تونس ونظام آخر ‬يراه لا ‬يصلح في ‬مصر واستطاع ان ‬يحشد آلاف بل ملايين المتظاهرين في ‬شتى أنحاء الوطن العربي وفي ‬مختلف الأقطار بهدف إحداث المزيد من المبادئ الفاضلة.‬
ان نظرية الانعزال السياسي ‬والسلبية ‬غير المبررة للشباب العربي انتهى عصرها ولم ‬يعد امام أي ‬شاب عربي العذر في ‬ان ‬يسكت على الأوضاع المتدنية التي ‬تعمل على تأخر مسيرة التنمية والاصلاح في ‬الدولة التي ‬يعيش بها .‬
فإن كان أحد ‬يقول انه ‬غير مؤثر فهذا خطأ كبير، ‬لأن ما حدث في ‬شتى أنحاء الدول العربية ‬يدل بشكل كبير على قدرة الشباب وتأثيرهم واستطاعتهم في صنع مستقبل جديد، ‬وإن كان أحد ‬يسكت بدافع الخوف، ‬فهذا ‬خطأ بعدما استطاع الشباب في ‬شتى أنحاء الوطن العربي ‬ان ‬يقضوا على معدات القمع الهائلة الحجم والبالغة القوة . ‬وان كان ‬يسكت لأنه ‬يجهل المجال السياسي، فهذا خطأ لأنه ‬يجب عليه ان ‬يكون على وعي ‬تام بجميع النواحي ‬السياسية لأنها أساس كل خير وتركها أساس كل شر فيجب ان ‬يعمل على اكتساب الخير والبعد عن الشر .‬
والغريب في ‬الأمر ان كثيرا من هؤلاء الشباب السلبي ‬يؤمن بنظرية المسؤول الذي ‬مهما صدر منه فهو بمكانة كبيرة ولا ‬يمكن لأحد ان ‬يحاسبه أو حتى ‬ينظر اليه، هذه نظرية عدم اللعب مع الكبار، ‬هذه فكرة خطأ أن أي ‬مسؤول تقلد مصالح الناس نيابة عن الناس وليس نيابة عن نفسه، ‬فلا ‬يتصرف كيفما ‬يشاء وقت ما ‬يشاء، ‬ولكن ‬يجب ان يعرف احتياجات الناس فإن عمل لخدمتهم كان ذلك دوره الحقيقي ‬والواجب عليه فعله وهي ‬خدمة وطنه، ‬وان أخطأ أو أفسد أو ظلم أو تجاوز لا ‬يقابل إلا بالعقاب، ‬ولا ننسى جميعنا اننا متساوون أمام العدالة وألا نكون قد بعنا الدين والدنيا لأننا اذا استثنينا الشخص كبير المنصب من العقاب والحساب وحاسبنا الشخص الضعيف المهمش نكون خالفنا جميع تعاليم الاسلام وجميع العقول المفكرة المنصفة السليمة، ونكون أيضا خالفنا نص حديث الرسول | »‬إنما أهلك الذين قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه،‬واذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد«‬، ‬أي ‬ان كل من ‬يسكت على ظلم مسؤول أو فساد مسؤول هالك بنص حديث الرسول الكريم.‬
ان كل إنسان ‬يعيش داخل أي ‬دولة مسؤول مسؤولية كاملة عما ‬يحدث فيها من ظلم وفساد وعدم مساواة ومسؤول أيضا عن أي ‬سلبيات لا تعالج فلا ‬يجب عليه الصمت، ‬بل ‬يجب ان ‬يتحدث، ‬كل فرد مؤثر وذو أهمية كبيرة ولايقول شخص إذا أحسن الناس أحسنت وإذا أساءوا أسأت فهذا خطأ كبير بعدما حدث من صحوة للشباب العربي.‬
لكن قديقول قائل: ‬السياسة لعبة الكبار ولا تعود علينا بالنفع عند الحديث فيها أو المشاركة السياسية أو الاهتمام بنجاح البلد الذي يعيش فيه، ‬فهذا أيضا كلام مرفوض، ‬فكل المفكرين وأصحاب الرأي ‬وكل من لديه عقل متأمل ونظر ثاقب ‬يعلم جيدا ان الاصلاح السياسي ‬هو الأهم وهو الأصل وإذا صلح الأصل صلح الفرع، اذا حدث اصلاح سياسي ‬سيترتب عليه صلاح اجتماعي ‬وصلاح اقتصادي ‬وصلاح في ‬شتى مجالات الحياة، ‬فإن كل إنسان عاطل عن العمل هذا ‬يعود الى سياسة خطأ، ‬وكل إنسان أتعبه ‬غلاء الأسعار هذا ‬يعود الى سياسة خطأ، ‬وكل إنسان تأخر سن زواجه فهذه سياسة خطأ، ‬وكل إنسان شعر بالاحباط بسبب ان دولته لم تتقدم فهذه سياسة خطأ، ‬وكل إنسان لم تتوافر له فرصة لأن ‬يقدم ما عنده فهذه سياسة خطأ وكل إنسان أحبط بسبب إهمال مشاريعه من قبل المسؤولين فهذه سياسة خطأ، ‬وكل إنسان لا ‬يستطيع ان ‬يتحدث بحرية فهذه سياسة خطأ، ‬وكل إنسان ‬يتخرج في جميع مراحل التعليم ولا ‬يفقه شيئا إلا انه محا أميته واستطاع ان ‬يكتب ويقرأ فهذه سياسة خطأ والكثير والكثير.‬
إن كل ما ‬يحيط بنا سياسة جميع تصرفاتنا سياسة جميع قراراتنا سياسة جميع علاقاتنا سياسة، ‬جميع مشروعاتنا سياسة اذا لم تهتم بالاصلاح السياسي ‬فأنت لا تهتم بأن تكون حيا فالسياسة حياة،صلاحها ‬يؤدي ‬الى صلاح حياتك وفسادها ‬يؤدي ‬الى فساد حياتك.‬ 
رابط المقال على الجريدة
الصفحة الرسمية على تويتر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق