الأحد، 23 أكتوبر 2011

التماثيل من المقالات المنشورة للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

عندما نبحث عن معنى كلمة "تمثال" في أغلب القواميس العربية ينبئنا القاموس بأنه عبارة عن صورة وجمعها تماثيل فقط هذا كل ما يحويه القاموس عن كلمة تمثال ولكننا اليوم نرى معنى أخر لكلمة تمثال وقبل أن نعرض لهذا المعنى يجب أن نتعرف على خصائص التمثال؛ أنه ثابت لا يتحرك ولا يتحدث ولا يسمع بالإضافة إلى ذلك إنه لا يرى، ومن ناحية الصناعة يصنع التمثال بواسطة البشر الذين يجيدون هذا النوع من الفن ولكنا لسنا الآن بصدد المواد والكيفية التي يصنع منها التمثال بقدر المعنى الجديد لكلمة تمثال الكل يجزم بأن التمثال من صنع البشر وهذا هو المتعارف عليه قديما وحديثا إلا أن هذه القاعدة قد تغيرت في الوقت الحاضر.
فالمتأمل في الوضع الراهن يجد أن هناك محاولات جادة ومنظمة لكي يصبح البشر كالتماثيل نعم بشر كالتماثيل، وشعارهم في هذه الحملة تحويل الشعب إلى "لا أسمع لا أرى لا أتكلم" وهذا الشعار أصبح منتشر مع انتشار الفساد في مؤسسات الدولة ومع انتشار "الواسطة والمحسوبية" التي أدت إلى المزيد من الاحتقان بين أبناء الشعب والمزيد من الاحتقان بين أبناء الأسرة الواحدة.
فعلى سبيل المثال هناك ممنوع عنهم كل شيء حتى الكلام أو الكتابة وهناك مجاز لهم كل شيء دون قيد أو شرط أليس هذا هو الظلم بعينه، فالجميع يضطر أن يسكت ويظهر عكس ما يخفي إما بدافع الخوف أو بدافع الخجل ولكن لقد مضى زمن الخوف ومضى أيضا زمن الخجل.
إن ميادين الكويت ومبانيها العامة خالية من تماثيل البشر أو التماثيل ذات الأرواح فالحكومة الكويتية ترفض ذلك قد يكون لسبب عقائدي.
ولكن فات عليها أنا تحافظ على البشر دون أن تساعد في تحويلهم إلى تماثيل لقد استشرى الفساد إلى حد أنه يحول البشر إلى تماثيل والطلب منهم صراحة بأن
لا يتحدثوا ولا يروا ولا يسمعوا وهذه هي القاعدة الجديدة للمسئولين فإنهم يريدون المواطنين تماثيل لا ينظرون إلى أفعالهم، ولا يسمعون أخبارهم ولا يتحدثون عن سلبياتهم وبالتالي يتحقق لهم الحياة الطيبة التي لا تتكدر بسؤال ذوي الحاجة من أبناء الوطن وينعمون بالهدوء القاتل الذي قد يودي بحياة المواطن، ويغضون الطرف عن مظالم الناس وينسون ما ولوا من أجله فالمسئول الآن أصبح هو المستفيد الأول والأخير يقرر ما يقرره ويرفض ما يرفضه وحدث ولا حرج عن الصلاحيات وعن كم الفساد الناشئ من هذه الوضع.
نحن رأينا العبرة في الحكومات العربية التي أطاحت بها الثورات الناتجة عن الظلم ولم نعمل بهذه العبرة بل بالعكس فإننا نساعد زيادة الاحتقان وزيادة الغضب.
وشاهدنا في الأوضاع العربية السابقة أن إنسان واحد كان هو الشرارة التي أشعلت جميع الحكومات الفاسدة وأطاحت بها فيجب أن لا نستصغر الأمور، فأفراد كانوا سبب في تغيير مجرى التاريخ بموقف وبتضحية فلا يجب أن نستصغر الأمور وأذكر قول الشاعر : إن الكواكب في علو مكانها لترى صغارا وهي غير صغار
رابط المقال على جريدة عالم اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق