الاثنين، 24 أكتوبر 2011

الهروب من الغرق من المقالات المنشورة للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

«أنا الغريق فما خوفي من البلل» بهذا الشطر الرائع المبدع الذي قاله المتنبي الموهبة التي لاتتكرر تكون البداية حيث اذا تدبرنا معنى هذه الشطر نرى صورة رائعة حيث ان الذي يغرق لايكون همه وخوفه من البلل الذي يصيبه ويصيب ملابسه ولكن الفاجعة أكبر والمصيبة أعظم انه الغرق أي الموت تحت سطح الماء.
وإذا أسقطنا هذه الصورة على الواقع الكويتي نجد ان المسؤولين لايهتمون بالمصيبة الكبرى وبعظائم الأمور التي قد تؤدي الى فقدان كل شيء وينظرون الى صغائر الامور التي تعتبر هي البلل الذي يصيب من يغرق ولايلتفتوا الى الغريق وكيف يمكن انقاذه.
وسوف نذكر اسبابا عدة توضح لنا حقيقة هذه الصورة الخطيرة التي تؤدي الى عدم الاهتمام بالأمر الجلل وتركه والنظر الى الامور التي سوف تؤدي الى الغرق في اقرب وقت هذه الاسباب كالآتي:
أولا: على المستوى الداخلي اصبحت شؤون البلاد هي آخر شيء يهتم المسؤولون بها فكثرة النزاعات الداخلية التي أثقلت عاتق الدولة وجعلت المسؤولين ينظرون الى تحسين صورتهم أكثر من النظر الى المصلحة العامة فالحكومة اصبحت مشغولة بالدفاع عن نفسها وعن صورتها وعن مناصبها امام استجوابات مجلس الامة الذي اصابه التفكك والضعف هو ايضا بسبب النزاعات والصراعات داخله التي تصل الى حد «الهواش» وفي انشغال السلطة التنفيذية بالدفاع عن نفسها والمجلس النيابي في إلقاء الاتهامات عليها يلهون جميعا عن المصلحة العليا للبلاد.
ومن ناحية أخرى ارتفاع سقف الفساد داخل المؤسسات بالدولة وهذا لايخفى على احد من واسطة ورشوة وايضا انتشار ذوي المناصب الذين يعلون مصالحهم الشخصية فوق المصلحة العامة.
وعدم سير المسؤولين وفق الخطط المناسبة التي تمكنهم من تحقيق المشروعات التي تخدم أكبر قدر من المواطنين بالاضافة الى انهم يمارسون هذا الدور بصورة تقليدية لاتؤدي الى جديد.
تراجع دور المؤسسات الخاصة بالوعي وانتشار المعرفة وزيادة الكفاءات مثل تراجع دور التربية وانحدار الدور التعليمي للمؤسسات التعليمية فلايوجد الى الآن الجيل القادر على رسم المستقبل المشرق بمؤهلاته العلمية التي توازي الدول المتقدمة.
وعلى مستوى الانتاج فلا يزايد أحد على ان الدولة على رأس قائمة الدول المستهلكة والسياسة الاستهلاكية للكويت اصبحت شيئا مرعبا ومخيفا ما دفعها الى التراجع عن التنافس الخارجي او حتى على الاقل ان تكون قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وعلى مستوى التصنيع فالوضع لايحتاج الى توضيح ولا الى كلام فلم تعدُ الكويت ان تكون دولة مصنعة في يوم من الايام ولم ترسم السياسات الحالية هذا الدور ولاتضعه في حسبانها.
وعلى المستوى الاجتماعي اصبحت تعزز دور التعصب والتفرق والفتن على دور الدولة والمواطنة الذي يدمج الجميع تحت سقف واحد ويجعلهم نسيجا متشابكا واصبحت تسن الكثير من المبادئ التي تعزز التعصب دون النظر الى المصلحة العامة.
وعلى المستوى الخارجي: لم يأخذ المسؤولون في الاعتبار الاوضاع الراهنة التي يمر بها الوطن العربي من تحولات وتغيرات الوطن العربي الذي لم يبدأ مرحلة البناء وتحقيق الحلم المشترك المعهود لان الدولتين اللتين استطاعتا اسقاط النظام لم تتوصلا الى الآن لمرحلة البناء ويبقى الوضع محل نزاع التيارات المختلفة.
وتحولت ليبيا لساحة حرب للتغلب على نظام القذافي وزادت الاوضاع سوءا في سوريا بسبب تعامل النظام السوري مع المتظاهرين بالقسوة التي تصل الى حد الإبادة والأوضاع في الأردن والمغرب والجزائر لاتختلف كثيرا عن ذلك فعلى الرغم من اقتراح اصلاحات مختلفة إلا انها غير مجدية.
ومن ناحية اخرى رأت ايران الفرصة للتدخل بكل حرية في شؤون الخليج بسبب الظروف التي يمر بها الوطن العربي وساعد على ذلك تراجع الدور الأميركي الذي رأى ان الأموال التي أنفقها على الحروب السابقة ضد الارهاب في العراق وافغانستان وغيرها من دول الشرق الاوسط اصبحت عبء ثقل عليها أدى إلى تراجعها.
في ظل كل هذه التحولات لانجد التخطيط السليم والسياسات الجديدة التي يمكن ان يتخذها المسؤولون تجاه ما حدث من تحولات وتغيرات.
لماذا تزداد النزاعات ويزداد الامر سوءا داخل الكويت رغم وجود كل هذه المخاطر المحيطة بنا؟ لماذا يهتم المسؤولون بالنزاعات والصراعات دون العمل على إيجاد حل مستقبلي للازمات التي احلت بالوطن وأحلت بالبلاد بشكل عام.
لماذا لم يعد هناك تغيير ملحوظ يشعرنا جميعا بأن هناك عملا دائما من أجل تحقيق الأمن والأمان والمستقبل الافضل المشرق.
أليس كل هذا مبرر على ان نجتمع لمواجه الغرق؟!
رابط المقال على الجريدة
الصفحة الرسمية على تويتر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق