الاثنين، 24 أكتوبر 2011

هل يجوز تقديم الحكم على أسبابه؟؟؟!! من المقالات المنشورة للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

الحكم البات القاطع هو الذي يستند إلى أسباب ودلائل قاطعة لا تقبل الشك أو التوهم وبالتالي يجب أن تكون هذه الأسباب والأدلة صحيحة قبل أن يطبق الحكم نعم هذه الصورة المنطقية لتطبيق الحكم يجب أن تقدم أسباب الحكم على تطبيقه.
ولقد ذكر الله المشركين الذين كانوا يوئدون البنات بلا سبب ليحملهم فعل ذلك (وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ. بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) لا يوجد هناك سبب للقتل الذي قام به المشركون وهذا تقديم للحكم على أسبابه فإن القتل تم قبل أن نعرف ما هو السبب القاطع المقنع الذي دفعهم لقتل البنات والسؤال في الآية عن السبب (بأي ذنب قتلت) فلا يوجد سبب حقيقي لهذا القتل مع تبرير المشركين لذلك تبريرات خاطئة.
وبالقياس على ما سبق واهتداءا بكلام الله سبحانه وتعالى نستطيع أن نتوصل إلى نتيجة حتمية وواضحة وصريحة وهي :أنه لا يمكن أن يمنح إنسان حق إو يحرم إنسان من حق إلا بتوافر الأسباب المقنعة التي ترشحه لأن يأخذ حق أو الأسباب التي تقصيه ويحرم من حق.
والسؤال الآن هل كل إنسان اعتمد على الواسطة والمحسوبية حتى يصل إلى حق ما، يمتلك الأسباب والشروط اللازمة للحصول على هذه الحق؟ أم أن الواسطة جعلت الناس يفعلون ما يريدون بلا أسباب كافية وأصبح الحكم متقدم على سببه!!! من الواضح أن الاعتماد على واسطة للحصول على (منحة أو وظيفة .....الخ) والاعتماد على واسطة (لتعفيك من تقصير أو تبعد عن شر ...الخ) هي مساعدة لمن لا يستحق كالذي يقدم الحكم على سببه ومثله مثل المشركين الذين قتلوا بناتهم دون سبب شرعي واقعي، فهم حرموا إنسان من حقه دون سبب مقنع وكذلك الواسطة التي تساعد إنسان على أن يأخذ حق دون سبب تعتبر تقديم للحكم على سببه.
لم يقر الإسلام أبدا استثناء أحد من العقاب إو أن يعاقب بريء إلا بالأسباب المقنعة والمنطقية لذلك فلا شفاعة عند الله إلا إذا أذن الله ورضي عن ذلك ولا يقبل الله الظلم أبدا تعلى عن ذلك علوا كبيرا وهو أحكم الحاكمين.
قال تعالى للذين كانوا يطلبون الشفاعة بعبادة الإصنام والملائكة للتقرب من الله: ( وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ ) هذا توبيخ من الله تعالى لمن عبد الملائكة والأصنام، وزعم أن ذلك يقرّبه إلى اللَّه تعالى، فأعلم أن الملائكة مع كثرة عبادتها وكرامتهم على الله لا تشفع إلا لمن أذن أن يشفع له ومن يستحق ذلك من البشر.
وللأسف الشديد إننا اليوم نسمع جملة خطيرة تتكرر على ألسنة الجميع دون معرفة الضرر والخسارة التي سوف يخسرها الجميع من جراء هذه الجملة ألا وهي (لازم واسطة ) كل من أراد أن ينجز معاملة يقول لازم واسطة – كل من أراد أن يوظف في مكان ما. يقول لازم واسطة كل من يريد أن يعفى من المخالفات يقول لازم واسطة كل من أراد العلاج يقول لازم واسطة كل من اراد أن يكمل تعليمه يقول لازم واسطة وجميع حالات الواسطة غير مقبولة ويجب أن تبتر من المجتمع الكويتي.
ولعل ذلك لأن هناك مجموعة من المسئولين لا يعملوا اعتبار لأخلاق اجتماعية ولا لتعاليم الدين الإسلامي العظيمة فإنهم يشجعون على الواسطة بهدف تحقيق المصالح الشخصية لهم ولذويهم فيعاونون ويساعدون أفراد في الحصول على حقوق هي ليست لهم وهذا تقديم للحكم على سببه وغير منطقي ولا يتقبله عقل ولا منطق ولا دين.
لقد انعكست الآية وأصبح المواطن يحاسب على ذنب لم يتقرفه وأصبح يحاسب قبل أن يخطأ وأصبح يلقى في النار دونما سبب واضح ومنطقي يدعو لذلك.
لا يمكن أن ترجع الحياة لطبيعتها ولا يمكن أن يسود العدل ولا يمكن أن يأخذ كل ذي حق حقه إلا بالتنازل عن هذا المبدأ الحقير مبدأ الواسطة الذي خرب علينا الشعور الحقيقي بالتنافس الشريف وجعل أصحاب النفوس المريضة يتمكنون من حياتنا وجعل أقلنا علما هم الذين يديرون شئوننا وجعل العقلاء والمتعلمون يقصون بعيدا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
رابط المقال على الجريدة
الصفحة الرسمية على تويتر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق