الأحد، 23 أكتوبر 2011

الحريات في الإسلام من المقالات المنشورة للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

المتساهلون يصفون المتمسكين بالدين والوسطية بأنهم متشددون وغلاة ومتطرفون ويرون الاباحية والتحلل من الدين والاخلاق تقدما ورقيا وحضارة ويقولون إن التمسك بالدين فيه كبت للحريات وعائق عن الانطلاق مع الحضارة العالمية. إن الإسلام دين يعلي من قيمة الإنسان وأعطاه القدر الكافي من حرية التصرف على الأرض والقدرة والإرادة على فعل الشيء ونقيضه. وكذلك احترم الإسلام حياة الإنسان، واعتبر من أحياها كأنما أحيا الناس جميعاً، ومن قتلها متعمداً كأنه قتل الناس جميعاً وجزاؤه جهنم. وإن النفس في الإسلام تشمل نفس الجنين الذي دبت به الروح والكبير كما أن الإسلام لم يترك النفس لتصرف الإنسان فإنه يعاقب المنتحر لأن حياته هبة من الله ولا ينبغي له أن ينهيها إلا بمشيئة الله.
كذلك الإسلام لم يسمح للبشر أن يعبدوا الأصنام ولا بشر أمثالهم ولم يرضى لهم الذل لغير الله الخالق، وأعلى الإسلام من شأن عمل المسلم واهتم به اهتماما أساسيا وجعل عمل الناس مربوط بمصيرهم ففي سورة الروم قول الله تعالى "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون"، وفي الحديث الشريف: "كيفما تكونوا يولَّ عليكم".
كذلك جعل الإسلام الرأي والعقيدة ثمرة حقيقية لنتاج فكر الإنسان فلا إكراه لإنسان في اتباع شيء إلا باقتناع تام ولا تعذيب ولا يفرض على أحد عقيدة معينة إلا بالتفكير فبالنسبة لابتاع دين الإسلام يقول تعالى (لا إكراه في الدين).
وجعل الإسلام النية الحسنة روح العبادة "إنما الأعمال بالنيات" فالنية هي التوجه الحقيقي المعبر عن حقيقة الفرد لذلك الإسلام يجعلها روح العبادة والأعمال كلها.
أما بالنسبة لعلاقة المسلم بالمجتمع فالإسلام أرسى دعائم التعاليم والقواعد والأسس التي تربط علاقة الإنسان بالمجتمع فهي علاقة تكامل وتكافل ومبنية على الرحمة والخدمة وفي ذلك ثواب من الله على كل عمل خير يؤديه المسلم تجاه المجتمع وهي رسالة الإسلام في حقيقة الأمر. فالاسلام أجزل الثواب لكافل اليتيم والمنفق في سبيل الله والمتصدق وجعل الزكاة التي هي أساس التكافل في المجتمع ركن من أركانه.
أما عن علاقة الإسلام بالأديان السماوية الاخرى فإن الإسلام يرى أن الدين كله لله وأنه دين واحد ولكن الاختلاف ليس في جوهر الدين إنما الاختلاف في شكل العبادات والعقوبات وغيرها فالإسلام يؤمن بجميع الرسائل السماوية السابقة وبجميع الأنبياء وأنهم جميعا جاءوا بالحق وأن خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم. وينظر الإنسان إلى الافضلية بين الشعوب والقبائل بالتقوى والعمل الصالح فإن مقياس الافضلية عند المسلمين بالتقوى والعمل والصالح.
إن علاقة الإسلام بالإنسانية علاقة طيبة تحترم الإنسانية وأن جميع الدول التي فتحت على أيدي المسلمين العرب اصبح الدين الإسلامي ظاهر ومسيطر على كل الأديان الأخرى ومع ذلك لم يكن المسلمين الفاتحين رجال متخصصين بالدعوة مثل القساوسة والرهبان في المسيحية مثلا وذلك لأن أخلاق المسلم الحق تظهر جلية أمام الكثير من الناس فيقتنع بالاسلام بلا حاجة إلى مجادلة أو أجبار أو غير ذلك فإن أخلاق المسلمين هو السبب الرئيسي في الانتشار السريع للإسلام.
ففي مصر مثلا قد اتبع الدين الإسلامي الكثير من المسيحيين في الوقت الذي لم يكتمل الفتح الكامل لمصر وكانت أجزاء كبيرة ليست تحت سيطرة المسلمين بل قد قام الذين اسلموا بالانضمام إلى صفوف المسلمين ومعاونتهم وكان منهم الرهبان أيضا فيوحنا راهب دير سيناء اتبعهم وحارب معه في بداية الفتح الإسلامي في مصر.
حتى أن الجزية التي كان يجمعها المسلمين كانت تقدر لاعتبارات إنسانية وكان يعفى منها الشايب والطفل والإناث والذي لا يعمل بالإضافة إنها كانت تأخذ مقابل تأمين أنفس وأموال أهل الذمة الذي كان يعيش بحرية وأمان لأنه في ذمة الإسلام.
لقد ملأ الإسلام الدنيا عدلا وحكمة ورحمة هذا ما جعل الإسلام ينتشر بهذه السرعة وكان الإسلام يشرف على تطبيق العدل وكان أيضا يعتمد على الكفاءات من البناء الوطن والبلدان المفتوحة ففي مصر مثلا كن وزراء المالية منذ الفتح إلى نهاية العصر الأموي من الأقباط وسمح للقباط بممارسة شعائرهم ولم يضطهد أي مذهب من هذه المذاهب وكان يعتبر رؤساء الحكومة الذين يمثلون الخليفة من الأقباط وأن الإسلام ساعدة على إحياء اللغة القبطية مقابل اللغة اليونانية التي انتشرت في البلاد لم يأخذ الإسلام موقف المتعصب ضد الأديان الأخرى ولكن كان دائما يعتمد على العقل وضرب النموذج الأمثل للحياة الصحيحة العادلة الإسلامية الحقة.
إن ما حدث اليوم من تخلي المسلمين عن أخلاقهم الحقة التي تعبر عن روح الدين الإسلامي والتي تعطي الجميع نموذجا ناجحا للحياة الصحيحة ما دفع إلى حدوث الكثير من المسائل الشائكة التي اتهم بها الإسلام من أن الإسلام دين تعصب أنه ويرفض جميع الأديان وهذا خطأ.ومن ناحية أخرى نرى المتحررين دعاة التحرر يتحررون من كل شيء حتى الدين إن الوسطية هي أن نعود إلى روح الإسلام الحق ونستخلص منه المبادئ والتعاليم والسمحة التي ترضي وتوافق جميع البشر دون الغلو أو التفريط .
رابط المقال على الجريدة 
الصفحة الرسمية على تويتر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق