الاثنين، 24 أكتوبر 2011

عصر الأساطير عصر الأساطير من المقالات المنشورة للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

«كان ياما كان في سالف العصر والأوان» و«يحكى أن» و«في إحدى البلاد» كانت هذه العبارة هي مطلع الكثير من القصص التي نشأنا عليها والتي مازالت مستمرة إلى وقتنا هذا.
وكم سمعت من القصص والأساطير وكم قرأت منها أيضا ولكن هناك قصة فريدة من نوعها غريبة في عرضها دقيقة في هدفها سيطرت على تفكيري وجعلتني أكثر تأملا وأكثر تحليلا ألا وهي قصة تأليف كتاب «كليلة ودمنة» هذا الكتاب المشهور الذي يعرفه الكثيرون ممن لهم باع في الأدب أو الهواة أو القراء العاديين لما له من أهمية كبيرة عند علماء الأخلاق والساسة عبر العصور.
وتتمحور قصة تأليف الكتاب حول تولي الملك «دبشليم» العرش في بلاد الهند وتميز هذا الملك بأنه كان ظالما لا يقبل إلا رأيه ولا يسمع إلا صوته ولا يسير إلى في توجهه فهو لا يعبأ بنصائح الناصحين ولا بآراء الحكماء الصائبين، حتى ان توجه إليه أحد هؤلاء الحكماء يدعى «بيدبا الحكيم» وهو فيلسوف وحكيم فنصح الملك فغضب الملك وسجنه مقابل ما صنع.
فوجد الفيلسوف بيدبا نفسه أمام حيرة من أمره وذات يوم أمر الملك بالإفراج عنه وطلب منه أن يعطيه من الحكمة والخبرة ما يستطيع، فقرر الحكيم ألا يقع في نفس الخطأ الذي وقع فيه من قبل وأخذ ينصح الملك ولكن من خلال القصص التي تحتوي على رموز وشخصيات حيوانية حتى لا يفعل به الملك ما صنع به من قبل وأخذ يوجه له النصائح عن طريق هذه الشخصيات التي أودعها في قصصه.
والغريب في هذا الأمر أننا في هذا العالم المتقدم الراقي في شتى مجالات الحياة نعيش في عصر الرمز فالجميع يشعر بشيء ويظهر شيئا آخر لقد أصبحنا جميعنا أمام المسؤولين «بيدبا» الذي لابد أن يحول كل شيء إلى رمز ولا يذكره صراحة حتى لا ينال العقاب.
وأصبح الناس خائفون إذا أرادوا الحديث في بعض الأمور التي يرونها شائكة وعاقبتها وخيمة وهي حق لهم سلب منهم.
فأنا لن أكون ممن يستخدمون هذه الرموز، وسوف أقول ان هناك ظلما واقعا على الكثير من أبناء الأسرة الحاكمة هذا الظلم الذي يعيشه هؤلاء الشباب دون أدنى ذنب فعلوه، إنهم لم يتعرضوا لهذا الظلم إلا بسبب احتكار المسؤولين الكبار في الأسرة المناصب وسوء توزيع الأموال بين أبناء الأسرة الحاكمة.
هذه هي الحقيقة هناك جزء كبير من شباب الأسرة الحاكمة لم ينالوا إلا التهميش والابعاد عن أي واقع سياسي أو اقتصادي أو حتى اجتماعي دون معرفة سبب واضح وصريح وحقيقي، وهناك مجموعة كبيرة من أبناء الأسرة لا تستجاب مطالبهم ولا يستمع إليهم أحد، لقد أصبح المشهد غير واضح وغير مفهوم فلا يوجد الاهتمام المطلوب.
ولكن السؤال المهم ألا يعلم هؤلاء المسؤولين ان استقرار الوطن من استقرار الأسرة ولنا في التاريخ عبرة.
ولماذا يترك المسؤولون الكثير من أبناء الأسرة يطرحون قضاياهم بين الحين والآخر أمام وسائل الإعلام سواء المكتوبة أو قد يكون في المستقبل القريب المرئية وهذا السؤال الأهم.

وإن كان الذي دفعني لكتابة تلك الأشياء مختلفة متعلقة بواقع أبناء الأسرة الحاكمة المهمشين وأيضا متعلقة بشريحة من شرائح المجتمع التي تعاني من نفس التهميش إلا ان السبب الرئيسي الذي دفعني إلى كتابة ذلك هو انني سوف أكون صريحا ولن استخدم الرمز مرة أخرى وعلى كل من يحاول أن يظلم يجب ان يكون حذرا.
رابط المقال على الجريدة
الصفحة الرسمية على تويتر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق