الاثنين، 24 أكتوبر 2011

النهوض والانحدار من المقالات المنشورة للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

الأمة التي تريد النهوض في جميع النواحي لابد أن تسعى كل السعي لتحقيق العدل وبدون العدل لا يمكن أبدا أن يكون هناك نهوض بل بالعكس سوف يكون هناك انحدار في القيم أنحدار في جميع المستويات والجوانب والنواحي.
والأمة الناهضة هي التي تمتلك مقومات النهوض من المبادئ السامية التي تجعلها مثلا لجميع الأمم و تؤهلها لتصبح قائدة وسائدة وبدون هذه القيم السامية تصبح أمة منحدرة بائدة.
لقد منح الله سبحانه وتعالى الأمة الأسلامية المقومات الحقيقية للنهوض والريادة وقيادة العالم أجمع في شتى المجالات ومن يبتعد عن هدي الإسلام سوف لا يكون أمامه إلا الانحدار والضياع والتخلف ...الخ.
العدل مبدأ لا تراجع عنه في أي دولة تريد أن تستمر وتنهض ودفاع أي نظام في أي دولة عن العدل هو رهن بقائه في القيادة والسلطة فإذا تنازل عن العدل أصبح ذلك بداية النهاية لهذا النظام.
ومبدأ العدل يجب أن يطبق على الجميع الغريب والقريب ويجب أن يكون هناك مدافعين عن الحق لا يخشون في ذلك لومة لائم يطبقون العدل ولو على أنفسهم فلا فرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح والناس سواسية كأسنان المشط وهذا علمنا إياه الرسول صلى الله عليه وسلم.
قد يتوهم البعض أن هناك تعارض في الأدلة الشرعية المذكورة في الكتاب والسنة في بعض القضايا وهذا مبني على الفهم الخاطئ لحقيقة الأدلة من قبلهم وليس هناك أي تعارض بين الأدلة الشرعية بل بالعكس هناك تكامل وتوضيح فالأدلة الشرعية من آيات وأحاديث صحيحة لايمكن بأي حال من الأحوال أن تتعارض أبدا بل هي تتكامل وتوضح بعضها البعض ويجب أن ننظر للأدلة الشرعية على هذا النحو ولا يمكن أن نأخذ بجزء من الادلة الشرعية في موضوع معين دون النظر في كل الأدلة الشرعية الآخرى في هذا الموضوع.
فإن كانت طاعة أولي الأمر واجبة فإنها لا تكون واجبة أيضا بالأدلة الشرعية عندما يأمرون بمعصية (فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وطاعتهم مقرونة بطاعة الله ورسوله وإلا لكان الناس اطاعوا كل ملك أو حاكم حتى ولو لم يكن مسلم، فالأمر مختلف لأن هناك شروط للطاعة إذا انتفت هذه الشروط انتفت الطاعة هذا بصدد البعض الذين يدافعون عن بعض الحكام بالأدلة الشرعية التي لا يضعونها جنبا إلى جنب مع الأدلة الشرعية الاخرى.
وهناك البعض الأخر لا ينطق بالحق ولا يطبق العدل إذا كان على أقاربه وهذا مخالف لمبادئ الدين الإسلامي الحنيف الذي لم يفرق في تطبيق العدل بين مسلم وغير مسلم بل طبقه على الجميع سواء من المسلمين أو غيرهم وأول مثل لنا وقدوة هو الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال (وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).
فيا كل من يدافع عن مسئول أو ذو منصب لا يقوم بعمله بحجة أنه قريب لك ولا يجوز لك الطعن في ذمته ونزاهته وأنت تعلم خطأه وعدم قيامه بدوره هل أنت مستعد لأن تدافع عنه يوم القيامة وهل تجرؤ أن تكون أنت وكيله يوم القيامة، لقد جاء الوحي واضح وصريح في أمر الذين ذهبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لكي يجادلوا الرسول عن سارق منهم يدعى بشير السارق حتى يعفيه الرسول من السرقة ويلقون بالتهمة على شخص أخر بريء من اليهود ووصفوا قريبهم بشير بأن قومه أهل صلاح وتقى وأخذوا يدافعون عنه ويلقون بالتهمة على اليهودي البريء.
قال تعالى في ذلك "هَٰأَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً" إلى كل من يجادل ويدافع عن أي ظالم وكل من لا يقيم العدل هل تجرؤ على أن تجادل عنه الله يوم القيامة.
ولأن الإسلام يوفر لأمته ولأتباعه أسباب النهوض أقر لهم هذا المبدأ وهو تطبيق العدل على الجميع على القريب والغريب وعلى المسلم وغير المسلم فيا عجبا من الذين يتوانوا عن نصرة الحق ويا عجبا من الذين يدافعون عن أقاربهم المسئولين لأنهم أقاربهم ويا عجبا من الذين يتركون بريء يعاقب بتهمة لم يقترفها.
على الجميع أن يقرر الآن أن يطبقوا مبدأ العدل على الجميع ليكون هناك نهوض وقيادة حقيقية أم أن يطبقوا العدل على مجموعة دون أخرى وفئة دون أخرى ونسير جميعا إلى الانحدار.
التنازل عن العدل هو تنازل عن النهوض والاستمرار وهو بداية الانحدار والضياع.
رابط المقال على الجريدة
الصفحة الرسمية على تويتر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق