الاثنين، 21 مايو 2012

الفكر الاستبدادي مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

إن المساواة والعدالة والحرية والشورى المبنية على الدستور، هي دعائم المشاركة السياسية للشعب حيث لا بد أن يشارك المواطن حكومته في صنع مستقبله وتحديد مصيره، وهذه المبادئ بديهية ومعروفة طبقا لتعاليم الإسلام ولجميع الأنظمة السياسية الديمقراطية المتقدمة في العالم، وإن رفع الاستبداد والدكتاتورية التي تكرس الاتجاه الواحد يأتي من خلال العقول الواعية التي تحاول أن تعزز تدريجياً هذه المبادئ العامة التي تحدثنا عنها سابقاً، وتكون مسؤولية العقول الواعية تنظيم أساليب القيام بالإصلاح بدعم المبادئ العامة تمهيداً للتغيير السياسي الذي يؤدي لإصلاح شامل.
وهناك الكثير من المخاطر التي تواجه أصحاب العقول الواعية في مواجهة الاستبداد والفكر الذي يقوم على الاتجاه والواحد وهذه المخاطر يوضحها لنا عبدالرحمن الكواكبي بقوله “الاستبداد يقلب الحقائق فى الأذهان، فيسوق الناس إلى اعتقاد أن طالب الحق فاجر، وتارك حقه مُطيع، والمُشتكي المُتظلم مُفسِد، والنبيه المُدقق مُلحد، والخامل المسكين صالح، ويُصبح -كذلك- النُّصْح فضولاً، والغيرة عداوة، والشهامة عتوّ، والحميّة حماقة، والرحمة مرض، كما يعتبر أن النفاق سياسة والتحايل كياسة والدناءة لُطْف والنذالة دماثة”.
قد يصاب الإنسان بالدهشة عندما يشاهد الأحداث المتتالية المتلاحقة الدالة على ممارسات الحكومات المستبدة وطريقتها في معالجة الأمور وكيفية تعاملها مع أي معارضة سياسية أو أي تحركات شعبية نحو الإصلاح أو نحو المشاركة أو نحو التغيير، فإن الفكر في جميع الحكومات الاسبتدادية نفس الفكر والأدوات وأبرز أسلوب واضح تمارسه الحكومات الاستبدادية ضد معارضيها السياسيين أو القوى الشعبية تريد الاشتراك في الحياة السياسية هو قدرة هذه الحكومات على ركوب الموجة والالتفاف على مطالب الناس.
دائما تلجأ السلطة المتحايلة إلى إعادة إنتاج كيانها في حالة حدوث الاحتجاجات والتظاهرات الجارفة التي تطيح بحكوماتها ورأينا ذلك في كثير من الدول سواء العربية أو الأجنبية ذلك والواقع هو خير دليل على هذا الفكر، فالسلطة المتحايلة تقوم بالاستعانة بنفس الأفراد المنتمين إليها لقيادة الفترة الانتقالية الخاصة بالإصلاح وهذا ما حدث في الكويت كما حدث في جميع الدول التي تعرضت لتظاهرات واحتجاجات تطالب بالإصلاح.
وكذلك تسخر جميع مؤسسات الدولة لخدمة أفرادها المنتمين إليها والجميع يعلم أن مؤسسات الدولة منظمة وتمتلك من القدرات والإمكانيات ما يعزز موقف أي فرد تريده السلطة وكأن مؤسسات الدولة ملك لأفراد وليس للشعب حظ ولا نصيب فيها.
وأيضا استغلال الإعلام في تشويه صورة الإصلاحيين وقلب الحق باطلاً والباطل حقاً فجميع وسائل الإعلام في الكويت إما مثيرة للفتن والجميع شاهدها ويعلمها أو صوت حقيقي للسلطة تتحدث عن أمجادها غير الواضحة والتي لم يرها الناس وهذا الحديث لا ينقطع ليل نهار ولا جديد.
وأيضا تقوم السلطة بشيء واضح فبعد أن تسمح بقدر ضئيل من المشاركة الشعبية في الحياة السياسية مثل أن تسمح  للمعارضة بالاستحواذ على الأغلبية في البرلمان تبدأ السلطة المتحايلة في افتعال الأزمات المختلفة لتجعل الناس يفقدون الثقة فيمن اختاروهم وتهتز صورتهم ومكانتهم عند الشعب وبعدها يتسنى للسلطة أن تعود بقوة لحالها الأول ويعود الركود دون محاسب أو رقيب وهذا حدث بالفعل في الكويت ورأينا بعد أن حصلت المعارضة على الأغلبية زادت الاعتصامات والإضرابات وحجم التوتر والأزمات.
بالإضافة إلى ما سبق دائما ما تحافظ السلطة على مراكز اتخاذ القرار فجميع الوزارات والوزراء يلبون مطالب أشخاص وليس لهم علاقة بالشعب، وفي الكويت ما زال الشعب بعيداً كل البعد عن التأثير في اتخاذ القرار لأن الشعب إذا مارس دوره من خلال المجلس وهذا هو المتنفس الوحيد وقام المجلس بسحب الثقة من أي حكومة من الممكن أن يحل المجلس في أي لحظة وبالتالي فإن النظام السياسي في الكويت يعاني من خلل ويجب أن يكون على هذا الخلل رأس عمليات الإصلاح إن كان هناك إصلاح فعلاً.
فهذا الخلل الذي ساعد في رفع شخصيات فوق القانون وجعلهم يميزون في تطبيق القانون وبالشواهد من خارج الكويت وداخل الكويت نجد أن أي حكومة فاسدة تتبنى الاتجاه الواحد في إدارة البلاد تستعيد إنتاج نفسها بالحيلة والأساليب غير المشروعة وهذه الحكومات لا تقبل مشاركة الشعب في تحديد مصيره أو صنع مستقبله لأنها حكومة الاتجاه الواحد.
وإلا الآن لا تعلم السلطة في الكويت أن هذا الفكر ذا الاتجاه الواحد الذي لا يقبل الرأي الأخر أصبح واضحاً ومعلوماً بل ومدروساً ويفهمه الجميع وكأن السلطة تعيش في عالم آخر.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق