الاثنين، 21 مايو 2012

لا تزال الأزمة مستمرة مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

لقد ثبت من واقع الأحداث على أرض الكويت، وبعد مرور الأيام وطول المدى أن الأزمة لاتزال مستمرة والبلاد تتجه بسرعة كبيرة إلى التفكك والتدهور في ظل الأزمة المتشابكة التي رفض المسؤولون عن الحياة السياسية في الكويت أن يحلوها الحل الوافي الجذري السليم، وكانت هناك عوامل عدة لاستمرار هذه الأزمة.
العامل الأول هو الخطأ الذي وقعت فيه المعارضة الإصلاحية، وهذا الخطأ يتمثل في أنها تخلت بسرعة عن موقفها ولم تستمر حتى تحقيق كامل المطالب، المعارضة الإصلاحية تركت ساحة الإرادة عندما بدأ تحقيق المطلب الأول فقط وهو إقالة الحكومة ولكنها ظلت في أدراجها ولم تخرج لتستمر وتتابع تحقيق باقي المطالب فكان لابد أن تخرج مرة ثانية عندما علمت أن أفراد الحكومة الجديدة هم معظم أفراد الحكومة السابقة.
إن سبب وجود هذه الإرادة الشعبية الجارفة التي أطاحت بالحكومة وفرضت قوتها السياسية هو القضاء على الفساد ووقف التدهور وحماية موارد الدولة والمال العام، وهذا لا يتحقق إلا بأشخاص موثوق فيهم ولم يثبت تورطهم في تدهور البلاد في جميع المستويات، ولكننا نرى أن جميع منظومة الحكومة السابقة هي التي تتمتع بالنفوذ والإدارة والقدرة على اتخاذ القرار وهي في الوقت  نفسه المسؤولة عن تدهور البلاد.
ويجب أن يعلم الجميع أنه يجب أن يكون هناك استبعاد سياسي أو عزل سياسي لكل مسؤول تواطأ على الفساد وسمح بتدهور البلاد الفترة السابقة بدلا من مكافأتهم أو دعمهم واستمرارهم في مناصبهم. إن الاستبعاد السياسي لهؤلاء الأفراد هو حق من حقوق الشعب الكويتي الذي لابد أن يطمئن على أن مصالحه يديرها أشخاص اكفاء وليسوا فاسدين مجرمين.
دوران السلطة لتحقيق مصالحها الشخصية هو الذي جعلها تظهر بصورة متناقضة أمام الشعب الكويتي فبعدما تعهدت بتلبية مطالب الشعب عادة مرة أخرى لتلتف عليها بإعادة الحكومة القديمة بمعظم أفرادها ودعم الوكلاء والمديرين داخل جميع الوزارة والقطاعات بكل قوة للبقاء في مناصبهم، وكذلك تدعو للحرية وتمارس اضطهادا لكل من يحاول أن يعبر عن رأيه.
لقد خلق لنا هؤلاء المسؤولون الفاسدين نوعا من تداخل الاختصاصات بين مؤسسات الدولة بسبب دعم مجموعة من الافراد بالنفوذ لتحقيق مصالح شخصية داخل مؤسسات الدولة، وهذا التداخل هو الذي جعل الوكلاء والمديرين مستمرين كما هم داخل الوزارات، وهذا التداخل هو الذي جعل وكلاء ومستشاري وموظفي الديوان الأميري يمارسون نوعا من الضغوط على كل معارض خصوصا من داخل الأسرة.
إن أي مسؤول تولى مسؤولية عامة يصدر بناء عليها القرارات أو يعطي تعليمات أو يدير أي شيء من شؤون البلاد يجب أن يكون خاضعا للمحاسبة والتقويم، إن أخطأ يتم حسابه واستبعاده وإن أثبت الكفاءة يتم تحفيزه ومعاونته، ولكننا مع استمرار هذه الأزمة مازلنا نكافئ المخطئ ونترك الجاني ونعفي المجرم بل ونتركهم جميعا يستمرون بنفس ممارساتهم غير الأخلاقية وغير القانونية في نفس مناصبهم.
يجب ألا يكون هناك عصمة أو تقديس لأحد وكل من فعل فعلا يجب أن يسأل عما فعله ومن حق الشعب أن يغير نظرته القديمة عن المسؤولين وأن يتوجه للتقويم الحقيقي الذي يحقق الصالح العام.
ففي ظل هؤلاء المسؤولين الذين لا يعبرون عن الشعب والذين يضعون العقبات والعراقيل أمام كل من يتصدى للفساد ويكبتون الحريات وفي ظل هؤلاء المسؤولين الذين يستعينون بأعوانهم في إدارة المؤسسات ويخترقون كل الإدارات والوزارات وفي ظل دخول المعارضة الإصلاحية أدراجها في ظل كل هذا لاتزال الأمة مستمرة.
ويجب أن يعلم الجميع أن الكويت إذا استمرت تحت نفس هذه المؤسسات المتدهورة والإدارة المتدنية فإن مصيرها سوف يكون مجهولا وجميعنا سيسير إلى طريق مجهول إذا سلمنا أنفسنا لمسؤولين لايزالون في أماكنهم ولا تزال الأزمة مستمرة بل وتزداد تأزما.
يجب أن تعود المعارضة الإصلاحية ويعود الشعب مرة أخرى لكي يحدد رؤية مشتركة حقيقية تحدد مستقبل البلاد في الفترة القادمة قبل فوات الأوان.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek
رابط المقال على جريدة المستقبل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق