الاثنين، 21 مايو 2012

الإصلاح المغدور مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

كل التغيرات التي شهدها المجتمع الكويتي في المرحلة الأخيرة، وكل التحركات والنداءات التي أصر المجتمع الكويتي على توجيهها وتوصيلها إلى السلطة العليا كانت نابعة من حاجة الشعب الحقيقية للإصلاح، أي إن الإصلاح أصبح ضرورة حتمية لإحداث التوازن وتحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع وهو النواة العملية لوضع أسس دولة متقدمة.
وبما أن الإصلاح أصبح بهذه الأهمية للمجتمع فيجب على كل مسؤول بيده القرار ويجب على كل داع للإصلاح وعلى كل ناشط أن يتناول العديد من زوايا عملية الإصلاح وتشخيص كل الحالات المتعلقة به وحصر مختلف المتغيرات الحديثة، ومعرفة سبل وطرق الإصلاح، وتحديد تحدياته، ووضع الخطط المستقبلية المتطورة للتعامل معه في مختلف المراحل المقبلة.
فالإصلاح يجب أن ينظر له في سياق عام وأكثر عمقا ولا ينبغي أبدا أن ينحصر في شكل سطحي خارجي لا يؤدي الغرض المطلوب منه، ولا يكون ذلك إلا من خلال عملية إصلاحية يجب أن تخضع أولا للديمقراطية، حيث بمدى الاقتراب أو الابتعاد عن هذا الشكل السياسي الديمقراطي وبمدى التناسق أو التناقض معه تتحدد الثمرة الحقيقية من الإصلاح.
وفي  الوقت نفسه من الصعوبة أن يحدث الإصلاح إلا بإحداث تطوير على المستوى السياسي وفي  الوقت نفسه على المستوى المؤسساتي جنبا إلى جنب، فالإصلاح السطحي عاجز عن التحكم في عمق الدولة والسيطرة على مفاصلها لذلك لابد من إصلاح وتطوير مؤسساتي يحقق له الوجود والعمق الحقيقي لإحداث الإصلاح.
فيجب أن تجمع عملية الإصلاح بين مستوى التطور السياسي والتطوير المؤسساتي، بالإضافة إلى التطوير الثقافي ويجب أن تأخذ في الاعتبار شكل التنظيم السياسي للدولة والموارد الطبيعية، والأبعاد الاستراتيجية والسياسة الدولية والاقليمية والخصوصية الاجتماعية.
ولكن السلطة الحالية بوزرائها الحاليين نجحت في تسويق صورة متحجرة عن عملية الإصلاح واستطاعت اقناع الشعب الكويتي بأن هذه الصورة غير قابلة للتغيير أو التحويل، وفي  الوقت نفسه لم يتنازلوا ولو بقدر ضئيل للمجتمع في المشاركة بعملية الإصلاح.
البرنامج الحقيقي للوزراء الحاليين والإصلاح من وجهة نظرهم هو تصدر الصفحات الأولى للصحف المحلية بين الحين والحين، يصرح الوزير بأن الوزارة تعتزم فعل مشروع كذا وكذا ثم يعود مرة أخرى في الشهر المقبل ليقول نحن مستمرون في إنجاز هذا المشروع وهكذا وهكذا إلى أن يتوفى الله الأرض ومن عليها.
لماذا تحاول السلطة تصدير هذه الصورة غير القابلة للتغير عن عملية الإصلاح؟! لماذا يفرض المسؤولون علينا صورة غير منطقية؟! وهل يعتقد المسؤولون أن الشعب مقتنع بأن وظيفة الوزير هي التصريحات الإعلامية فقط دون إحداث هيكلة حقيقية للمؤسسات وإحداث تطوير مؤسسي شامل والنظر للإصلاح على أنه كل متكامل وليس بشكل سطحي؟
كيف مازال هؤلاء الوزراء يستعينون بوكلاء ومديرين ثبت فشلهم في إدارة مؤسسات الدولة؟ وكيف يعتقد هؤلاء الوزراء بأنهم قادرون على إحداث إصلاح في ظل مؤسسات متهالكة أثقلها الفساد في ظل وكلاء ومدراء يدعمون الفساد؟
هذا نداء من واقع حال الشعب الكويتي لكل الوزراء: إن مؤسسات الدولة أمانة في أعناقكم ومسؤولية تطويرها وهيكلتها واصلاحها هي مسؤوليتكم بواقع عملكم وإن تركتم وكلاءكم ومدراءكم الحاليين فهذا معناه تضييع الأمانة وإن تركتم المؤسسات كما هي بشكلها الحالي فقد ضيعت الأمانة ولن يسكت الشعب الكويتي ولن يسامح أي مسؤول أضاع مصالحه وفرط في أمانته.
ويجب أن يعلم الديوان الأميري أنه ليس بمعزل عما يحدث في مؤسسات الدولة فالتطوير يجب أن يشمله من جميع الجوانب لأنه لازال وكلاء الديوان الأميري وبالأخص المسئولين عن شئون الأسرة يمارسون الكثير من الضغوط بالاستدعاء والتحقيق مع أي فرد من الأسرة يعارض المسئولين السياسيين في الدولة بحجة أنهم من أبناء الأسرة. لكن يجب أن يعلموا شيء بديهي أن أي إنسان تولى منصب سياسي يجب أن يتعرض للنقد مهما كان سواء كان من الأسرة أو من خارجها، فجميع حججهم لإسكات أي إنسان عن التعبير عن الرأي وحرية الانتقاد حجج واهية وغير قانونية.
الإصلاح المؤسسي وهيكلة المؤسسات هي حجر الزاوية في عملية الإصلاح ولا يجب الصمت على مثل هذه الممارسات المشينة في جميع مؤسسات الدولة، وإن لم يتخذ الوزراء الإجراءات الفعلية للهيكلة والتدوير والتطوير في مؤسسات الدولة فهذا يدل على أنه لا يوجد لديهم نيه حقيقية للإصلاح. والشعب الكويتي لن يسامح كل مفرط أو مقصر وسوف يأتي اليوم الذي يتم فيه الحساب.
وعلى نواب الأغلبية داخل المجلس والتي كان لها دور بارز في إسقاط الحكومة السابقة وكان لها دور بارز في دعم الإصلاح أن تأخذ ملف الوكلاء والمديرين بعين الاعتبار وأن تضعه في أولوياتها لتحقيق الإصلاح الحقيقي.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek
رابط المقال على جريدة المستقبل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق