الاثنين، 21 مايو 2012

استدارة ماكرة مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

مهما علم الناس أهمية وضرورة إقامة العدل ومهما تحدث عن مناقبه الجمة، إلا أن الباطل مازال قائما بأعوانه وظلمهم، ولكن لا يظهر أهل الباطل إلا في غياب أهل الحق لذلك قيل “لا قيام للباطل إلا مع غفلة أهل الحق”، ويقول جون لوك ” عندما ينتهي القانون يبدأ الطغيان ” ولكن لا يفرح أهل الباطل ولا يطمئنون عندما يظلمون الناس لأن الباطل نفسه جند من جنود الحق كما قال الداعية الشيخ الشعراوي “إن الباطلَ جندي من جنودِ الحق، لأنه حينما يعلو يؤلمُ الناسَ بشراسته، فيصيح الناس، أين الحق؟! فيظهر الله الحق”.
عندما نشاهد ونرى القوانين الخاصة بمحاكمة المسؤولين السياسيين في جميع الدول العربية نعلم جيدا أنها ليست قوانين لإقامة العدل بل هي قوانين لحماية الباطل، بل وعندما يكون هناك محاكمات تكون محاكمات هزلية معروفة نهايتها قبل أن تبدأ، وهذا لأن السلطة من البداية تعتبر نفسها قلعة حصينة مغلقة أمام الشعب مفتوحة أمام الصفوة الذين يملكون مفاتيح كل شيء يضعون ما يشاءون من القوانين التي تدعمهم وتحميهم وتفصيل القوانين هو السمة البارزة لهذا العصر وكأن أعضاء السلطة يقولون نحن وبعدنا الطوفان.
إن الطريق إلى السلطة مغلقة بسبب أعضاء السلطة المعصومون الذين لا يخطئون والذين يفصلون القوانين التي تدعمهم والتي تحميهم كيفما يشاءون فلا جدوى من اتهامهم ولا دليل على إدانتهم لأنهم يملكون جميع الأدلة ويسيطرون على جميع مصادر المعلومات ويصنعون الكثير من المسرحيات الهزلية التي تقلب الباطل حقا والحق باطلا.
الجميع رأى المحاكمات التي تحدث في الدول العربية والمتعلقة بمسؤولين سياسيين ويعلم مدى التهاون معهم ومدى التباطؤ والتواطؤ الذي يظهر التآمر ولا يقول أحد لي نزاهة القضاء لأن ضعف مؤسسات الدولة بأكملها وضعف الدولة ككل يدل على ضعف جميع المؤسسات والقطاعات ولا نستثني منها القضاء، لقد وقع هؤلاء المسؤولون في التناقض بسبب تواطئهم وفسادهم هل يعقل أن يتم استدعاء مواطن لأنه غرد تغريدة أو مواطن لأنه أبدى رأيه ويترك ويبرأ من ينهبون ثروات البلاد نهبا منظما فنحاسب الذي قال كلمة أو عبارة أو جملة ونعتقله على ذمة التحقيق ونترك من عبث بثروات البلاد وأهدر أموالها وأضعف قطاعاتها وهيئاتها ونشر الفساد في أرجائها وأركانها، هل وصلت القوانين إلى هذه الدرجة أن يحمي المسؤولون المفسدين ويلاحقون المفكرين والنشطاء؟
وعادة تقوم السلطة بفعل شيء غريب عند محاكمة شخصية سياسية وخصوصا إذا كانت من أعضاء السلطة ألا وهي طريقة المكر يستخدمون جريمة صغيرة مثل التورط في إهدار أموال أو تحويلات وعادة ما يبرأ منها المسؤول ولكنهم يستبعدون دائما المحاكمة على الاخطاء السياسية بل الجرائم السياسية التي تعصف بالشعب بأكمله وتضيع شؤونه، هل هذه محاكمات عادلة؟ هل هذا هو القانون؟ وهل القانون يسمح لمرتكبي الجرائم الكبرى أن يعيشوا في أمان ويحاسب المغلوب على أمرهم أصحاب الكلمة والرأي؟ ليس هذا بقانون.
إن حفظ أي قضية لمسؤول سياسي يجب أن يضع تحتها مليون خط و يجب ألا تمر مرور الكرام، نحن كدولة غاب عنها محاسبة المسؤولين فلم يحاكم وزير على مر تاريخ الكويت محاكمة حقيقية ولم يحاكم مسؤول سياسي أبداً على أي جرم سياسي ارتكبه وحينما كان هناك نوع من المساءلة تمت المساءلة على أشياء غير المسؤولية السياسية، فهذا يدل على أنه ليس هناك شفافية وليس هناك وضوح في الرؤية وإن السلطة إما متورطة وإما متواطئة لأنها تؤمن الطريق لكل من أجرم سياسيا بإضاعة شؤون الشعب ودفع البلاد إلى التخلف والفساد وتحاسب كل من يقول كلمة من أصحاب المعارضة السياسية وهذ كيل بمكيالين.
كفانا تمثيلا، كفانا خداعا، كفانا الاستدارات الماكرة التي تعودت عليها السلطة والتي سئمها الشعب فبعد أن قامت المعارضة لم تقم فقط من أجل قضية فساد واحدة، لقد قامت من أجل قضايا عديدة شلت مؤسسات الدولة ومن بينها فساد المسؤولين السياسيين الذين ضيعوا الأمانة فإنها قامت على أمل أن هناك قانونا سوف يقتص منهم ويدينهم بقدر الضرر الذي وقع على الوطن من فعلهم وعندما ندد الشعب بالحكومة وأطاح بها كان ينتظر أن تحدث طفرة في منظومة العدل وأن يتم النظر للجميع على حد سواء وأن يتم محاسبة المسؤول السياسي مثلما يحاسب أصحاب المعارضة السياسية وأن يكون الجميع سواء أمام القانون وليس لتأمين المسؤولين السياسيين من أي جريمة سياسية يرتكبونها وتتحايل السلطة وتلفت نظر الناس لجرائم اخرى ويتم التبرئة منها وحفظ القضايا.
إن تبرئة أي مسؤول من الجرائم السياسية التي ارتكبها يدل على أن الشعب كان على خطأ وكان هذا المسؤول هو الذي على الصواب وهذا مستحيل ولا يعقل بأي حال من الأحوال ولكن الذي آمن به الجميع أن أعضاء السلطة والمسؤولين السياسيين لديهم حصانة من السلطة وهم فوق القانون وسأذكر الجميع كلما يتم تورط أحد من أعضاء السلطة سوف يكون هناك استدارة ماكرة من السلطة لتبرئته وربما تصل إلى الانتقام ممن حاول مساءلته.
فعلى الشعب ألا ينتظر أبدا أن تقدم له السلطة حلا عادلا  تجاه أي مجرم سياسي من أعضائها ويجب أن يعمل الشعب على إرساء المبادئ العادلة في الفترة المقبلة مهما كانت هناك استدارات ماكرة من السلطة.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق