الجمعة، 13 أبريل 2012

انهيار النظام القانوني مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

إن الهدف الحقيقي من وجود القانون هو الحفاظ على الحرية الشخصية للفرد بقدر الإمكان، وكذلك تنظيم الأطر العريضة للعلاقات بين المواطنين من جهة والسلطة والمواطنين من جهة أخرى، وأيضا توفير احتياجات المواطن، وحماية المصلحة العامة في مقابل المصالح الشخصية التي تمثل خطورة على الوطن وأمنه العام، ويعتبر الدستور هو المصدر الرئيس للقوانين وتلتزم به كل القوانين الأدنى منه مرتبة في الهرم التشريعي، ولا شرعية للقوانين إذا خالفت مبادئ الدستور، والدستور يحدد اختصاصات السلطات الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية) ولذلك هو الحاكم الأعلى للبلاد حيث يجب أن يمتثل إليه الجميع ولا يسمح لأحد باختراقه أو تغييره إلا بإقرار الجميع الذين أقروا ما فيه من قبل.
ويؤكد لنا أهمية تحقيق العدل رد (تشرشل) عندما رفعت له الكثير من التقارير التي تخبره بالفساد الذي انتشر في مؤسسات الدولة بسؤال عن القضاء حيث سأل تشرشل وما أخبار القضاء عندنا؟ فقال له المستشارون إن القضاء متوازن ومعافى ولم يصل الفساد إليه، فقال اطمئنوا على بلدكم لأن القضاء هو الضمانة الأكيدة للعدالة وإشاعة الأمن وهو الذي يحمي الحريات وحقوق الإنسان وهو الذي يضمن سيادة القانون والمساواة بين الناس ويحقق الأمن والطمأنينة وحماية الأموال والأنفس.
والسلطة القضائية لابد أن تسير وفق الدستور ويعتبر مبدأ سيادة القانون أصل متأصل من الأصول الدستورية ويتطلب ذلك أن تكون جميع السلطات العامة القائمة لا تمارس أي سلطات أو صلاحيات إلا وفق قوانين مكتوبة، بحيث يكون القانون هو القوة العليا التي يتساوى أمامها الجميع من أكبر مسؤول في الدولة إلى أبسط مواطن عادي فالجميع له عمل يقوم به وفق القانون.
ولكن السلطة القضائية تحتاج الى جهات تنفيذية تساعدها في تطبيق القانون على أرض الواقع لأنه لا فائدة من وجود القضاء في ظل جهات ومؤسسات تنفيذية لا تطبق القانون على أرض الواقع وهنا يأتي دور النظام القانوني حيث يعتبر النظام القانوني هو الجهات التي تحافظ على تطبيق القانون بغض النظر عن صحة القوانين من عدمه ولكن عمله الأساسي هو تطبيق القانون على الجميع من دون تمييز، فهو ببساطة الجهات القائمة بالحفاظ على تطبيق القوانين.
ويمثل النظام القانوني القوة الحقيقية لتطبيق القانون على أرض الواقع وهو (السلطة بشكل عام لأنها مسؤولة بالتضامن عن أي عمل تقوم به السلطات الأقل منها والسلطة التنفيذية المسؤولة عن تطبيق القانون على أرض الواقع فهي الجهة التنفيذية) والمطلوب من النظام القانوني أن يستند إلى الدستور بقدر الإمكان بحيث يعلي مبدأ سيادة القانون وإن فعل غير ذلك فإنه يكون غير أمين على تطبيق القانون ويلغي دور السلطة القضائية التي هي منوطة بتحقيق العدل وبالتالي يفقد مصداقيته أمام الناس وبسبب وجود عيب قاتل في الذراع المسؤولة عن تطبيق القانون على أرض الواقع وهو التمييز في تطبيق القانون لذلك يبدأ انهيار النظام القانوني وتنهار الدولة لأن تطبيق القانون هو الدعامة الحقيقية التي تدعم الاستقرار ومن بعدها الفوضى.
ولو نظرنا إلى النظام القانوني في دولة الكويت وهو المسؤول عن تطبيق القانون على أرض الواقع والذراع التي تنفذه بالجهات والمؤسسات التي تساعد القضاء على التطبيق الصحيح للقانون نجد أنه يشوبه التمييز في تطبيق القانون وبالتالي تكون هذه الجهات غير أمينة في تطبيق القانون متسببة في انهيار النظام القانوني للدولة. وهناك مستويان للتمييز: المستوى الأول من التمييز وهو إعلاء شخصيات بعينها فوق القانون وفوق المحاسبة وهذا يخرق مبدأ سيادة القانون الذي يحتم أن يتساوى الجميع أمامه فنجد القائمين على النظام القانوني هم الذين منوط بهم الحفاظ على تطبيق القانون على أرض الواقع يوفرون الحماية لأشخاص ثبت تورطهم في قضايا فساد مالي وإداري تسبب في تأخر البلاد وتم التشكيك في ذمتهم المالية ونجد هؤلاء الأشخاص الذين أصبحوا فوق القانون في مكانة عالية في المجتمع كأنهم تم مكافأتهم بعد أن أطاح بهم الشعب وهذا تمييز في تطبيق القانون بل إنه تعدى ذلك بتوفير الحماية لأشخاص اخترقوا القانون.
المستوى الثاني من التمييز في تطبيق القانون يأتي على مستوى المواطن العادي حيث نجد الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون تتعامل بكل حزم وجدية مع أفراد بعينهم وتحاصرهم بالاعتقال والحبس وفي المقابل نجد أنها تتهاون وتتراخى مع أفراد آخرين عن عمد وقصد وتغض الطرف عنهم بل وفي بعض الأحيان يتم مساعدتهم للإفلات حتى من المساءلة أو الاتهام وهذا يتنافى مع دور النظام القانوني للدولة الذي يبنى على إعلاء مبدأ سيادة القانون وأن يكون الجميع سواء أمام القانون.
ولا يفهم أحد من ذلك أننا نشجع أي إنسان على اختراق القانون بل بالعكس نحن نطالب بأن يكون هناك مساواة في تطبيق القانون وهذا أصل من الأصول الدستورية ومبدأ عام.
وبسبب هذا التمييز من هذا النظام القانوني المتمثل في السلطة ينهار النظام القانوني فتضيع الحرية الشخصية للفرد وتتوتر العلاقات بين المواطنين، ولا تلتفت السلطة لاحتياجات المواطن، ويتم دعم المصالح الشخصية للمستفيدين ويهدد أمن البلاد العام بسبب انهيار النظام القانوني.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق