الاثنين، 2 أبريل 2012

إنها السلطة مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

إن كلمة {السلطة} تطلق على أغلب حالات القيادة، ولا تُطبق السلطة إلا بالاستناد إلى قوة اجتماعية معينة، تقوم هذه القوة بمعاقبة أي شخص لا ينصاع إلى السلطة أو يهددها، وقد تغير هذا المفهوم نوعا ما حيث كان الفكر السائد وفق الميثاق الاجتماعي وهو أن يتنازل الأفراد عن صلاحياتهم للسلطة، أما الآن فإن البنية الاجتماعية تغيرت فأصبحت تقوم على التعاون المنظم بين أفراد الشعب، بحيث يكون هناك توازن بين قوى السلطة والشعب ، فالسيطرة مشتركة ومقسمة بينهما بالتساوي، حيث يجب تقييد صلاحية النظام السياسي وجعله خاضعا لسلطة الشعب ليمارس الشعب الصلاحية على نفسه بشكل غير مباشر عن طريق السلطة، وذلك لأن الإنسان بطبعه لايستطيع امتلاك الصلاحية طوال الوقت لأنه إذا سيطر على جميع الصلاحيات طوال الوقت سرعان ما يتحول ويتغير إلى الاستبداد والتحكم إذا كانت الصلاحيات مطلقة.
ومن ناحية أخرى ، إن كل ما نراه من انقلابات أو ثورات أو انتفاضات أو احتجاجات أو إضرابات .. إلى أخره من أشكال الاعتراض على السلطة ناتج عن الإفراط الظالم في استخدام السلطة الصلاحيات المطلقة التي تمارسها على الشعب بشكل غير متكافئ، ولكن تعتبر الانقلابات صراعا على السلطة ورغبة في انتزاعها بالقوة مهما كان أصحابها يحملون رؤية معينة أو طموحا معينا أو حتى مجرد نزوة، وتبقى الثورات تعبر عن إرادة الشعب النابعة من شعوره بالظلم والقهر والاستبداد بالرأي وتبقى هي الوسيلة الأكثر شرفا والأكثر مروءة في يد الشعب للإطاحة بالسلطة المستبدة التي تمارس صلاحيات مطلقة ضد الشعب.
ولقد رأينا على مر التاريخ سلسلة من الانقلابات والخلافات ، ولعل هذا يبرهن على شيء واحد مهم وخطير هو أن هناك طرفين مـاثلين هما السلطة المستبدة والنزاع على السلطة، الطرف الأول السلطة القائمة التي تحاول أن تحكم سيطرتها بالكثير من الوسائل المشروعة وغير المشروعة والطرف الثاني هي القوة الشعبية التي تحاول أن تحدث نوعا من التوازن الذي يقيد صلاحيات السلطة المستبدة ويعيدها إلى رشدها أو ينتزعها.
وإذا نظرنا إلى الوسائل التي تستخدمها السلطة المستبدة نجد أن السلطة الكويتية تقوم بها وتستخدمها جميعها؛ فمثلا نرى السلطة تفتعل الأزمات فما أكثر الفتن المتعاقبة الواحدة تلو الأخرى فمن فتن مفتعلة للنيل من وحدة القبائل وإثارة العداء بينها وفتنة أخرى تثير روح الكراهية والعداء بين المذاهب في الدولة وذلك بزرع عناصر الفتنة واستخدامها في أوقات معينة ، وفتنة أخرى من خلال استغلال الإعلام الفاسد الذي يمثل سيفا مسلطا على رقاب كل معارض للسلطة ، وطبعا كل هذه الفتن لإشعار المواطن بالخوف وانعدام الأمان واللجوء إلى السلطة المستبدة ليحتمي بها، وفي نفس الوقت لتفكيك أواصر المجتمع فلا يوجد بين افراده تعاون ولا قوة تدفعه للمشاركة في السلطة ولا يخفى على أحد تحايل السلطة على الشعب الكويتي فجميع المطالب الشعبية إن لم تنتزع بقوة شعبية ضاغطة فلن تتحقق ولن يكون لها معنى عند السلطة وكذلك الالتفاف على الحركة الإصلاحية ومهاجمة رموزها وعدم تلبية مطالبها بالشكل المرضي وعدم تعاون مؤسسات الدولة مع المجلس الحديث واستمرار نفس الشخصيات المسيطرة على المؤسسات لصالح السلطة للسيطرة وليس لتحقيق الصالح العام.. كل ذلك معناه التحايل على الشعب، وكذلك تمت مواجهة الحركة الإصلاحية بكم هائل من إثارة الفتن بين فئات ومذاهب الشعب وذلك لوضع الشعب في حالة ترقب دائم ضد العدو المجهول الذي اختلقته وابتكرته السلطة وليس له أي أساس من الواقع، ولكن كل هذا ليؤجل الشعب المطالبة بحقوقه.. هذا بخلاف خلق أزمات اقتصادية، أليس من الغريب أن تعاني الكويت من التضخم الذي أحدث فجوة بين الرواتب ومتطلبات المواطن الكويتي اليومية وظهرت هذه الفجوة بشكل واضح في المرحلة الحالية ورأينا الأزمات المفتعلة التي تهدد المواطن العادي الذي استطاعت السلطة أن توصل له صورة خاطئة وهي أن ما قام به الشعب من احتجاجات واعتصامات هو السبب في تلك الأزمات وهو الذي يهدد أمن المجتمع وسلامته، وبهذه الأفعال يغرق المجتمع في بحر الأزمات المفتعلة وشعور الشعب بالإحباط والخسارة واليأس، ولكن هذه الحسابات أصبحت خاطئة لأن كل هذه الممارسات ستكون هي الدافع الذي يجعل الناس تأخذ حقها المغتصب بالقوة.
إن ما نراه من تغلغل السلطة في مؤسسات الدولة واحتكارها لشخصيات معينة ما هو إلا إحكام للسيطرة ولجعل المواطن في حاجة دائمة للسلطة من خلال الابتزاز والاحتكار الذي تمارسه السلطة.
إن عدم الاستعانة بالكفاءات واستخدام المستشارين الذين يفصلون القوانين كما تشاء السلطة دليل على أن ما تمر به الكويت ما هو إلى إحكام للسيطرة على السلطة لأكبر قدر ممكن.
وكذلك إن العشق المفرط والشغف بالسلطة الذي يجعل أصحابها يقتلون من أجلها ومن أجل استمرارهم في الاحتفاظ بها قديما وهذا الحدث ليس من الكويت ببعيد والتاريخ شاهد عليه .. فعشق السلطة يجعلهم الآن يقومون بأي شيء لإخضاع الشعب بأي وسيلة. إن الولع والشغف بالسلطة والاستمرار فيها والتوغل في جميع مؤسسات الدولة الحكومية والخاصة هو الذي جعل السلطة الحالية تستبعد كل صاحب رأي مخالف وتهمش دور الشباب وتهمش الكفاءات، وبالتالي تهمش كل الشعب وأصبحت السلطة ممارسات لإحكام السيطرة وتكريس الاتجاه الواحد الذي سوف يؤدي بالتأكيد إلى الأزمة الكبرى.
إنها السلطة.. هذا البريق الذي يجعل من يمارسها يحتفظ بجميع الصلاحيات ويحرم الشعب من جميع الصلاحيات.. إنها السلطة التي تجعل من يمارسها يستخدم مبدأ “الغاية تبرر الوسيلة” وينسى جميع المبادئ .. إنها السلطة التي تجعل من يمارسها دائما في نزاع لاغتصاب حق الشعب والحد من قوته وتأثيره.. حقا إنها سلطة وإن ما نراه على أرض الكويت من المسئولين ما هو إلا ممارسات للاستمرار بكل قوة ممكنة للاحتفاظ بالسلطة وليس ممارستها لصالح الشعب.
الشيخ / مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek

رابط المقال على جريدة المستقبل 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق