الاثنين، 2 أبريل 2012

استغلال صلاحيات الدولة وانتزاعها مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح



استغلال صلاحيات الدولة وانتزاعها
الشرعية كلمة مشتقة من الشرع أي ما يتفق مع الشرع، وتستخدمت حديثا بمعنى "خلع الصفة القانونية على شيء ما" فالشرعية الدستورية هي أن يكون الدستور هو القانون الأسمى وهو المرجع لتحديد صلاحيات واختصاصات مؤسسات الدولة والقائمين عليها، بحيث تصبح جميع المؤسسات والقائمين عليها خاضعة للدستور تعمل في إطاره لا يخرج عليه أحد بأي حال من الأحوال، والدولة نفسها في ظل الشرعية الدستورية تعتبر مؤسسة ومكونة المؤسسات، والدستور يتم وضعه من قبل سلطة مؤسسة وهي سلطة الشعب لذلك تظل سلطة الشعب أسمى وأعلى من جميع السلطات.
والشرعية السياسية هي المتعلقة بتوقيت وأسس وكيفية ممارسة الحكومة للسلطة الشرعية في المجتمع ومدى إكتساب هذه الشرعية من الشعب أي في جميع الأحوال الشعب هو الأساس وكل من يقوم على السلطة ما هو إلا عامل عليها لصالح صاحبها الأصيل هو الشعب.
وكلمة المشروعية في حد ذاتها تعتبر صفة لكل ما يؤسس على القانون والعدالة أي أن كل من تولى منصب قيادي سياسي أو إداري أو غير ذلك لا يقوم إلا بالصلاحيات التي تتوافق مع القانون والدستور وفي نفس الوقت هو مسئول بنص الدستور والقوانين عن فشل أو نجاح العمل الذي يقوم به.
ولكن هل الصلاحيات التي تمتلكها مؤسسات الدولة وفق القانون يمكن أن تستغل في مكانها الخاطئ بالطبع هذا تحايل على القانون والتفاف على المبادئ الدستورية لأن جميع الصلاحيات التي تمتلكها الدولة يجب أن تسخر وتوجه لخدمة الصالح العام وتوظف في مكانها الصحيح.
ولكن وكأننا نخترع أنظمة جديدة في إدارة البلاد وكأن المسئولين يضعون لنا نسق وميثاق اجتماعي ما أنزل الله به من سلطان ألا وهو انتزاع صلاحيات الدولة المخولة بها وفق الدستور لصالح اشخاص معينين في السلطة يستغلوها كما يشاءون بعيدين عن الدستور والقوانين.
فكل مسئول في السلطة يتولى منصب يتخذه أداءة لتحقيق المصالح الشخصية فيقوم وفق الصلاحيات المخولة له لخدمة أفراد بعينهم وتهميش أفراد أخرين ويقوم بتقديم الامتيازات لأشخاص بعينهم وحرمان أشخاص أخرين هذا هو الطابع العام في مسئولي السلطة التنفيذية الذين لا يقيمون وزنا لقانون أو مبادئ.
إن الاختيار من الأساس مبني على مبدأ الولاء والمصالح وحماية بعض المستفيدين في الدولة لذلك جاءت هذه الحكومة فلو أن هذه الحكومة كانت نابعة من الشعب ومعبرة فعلا عنه لما تركت أصحاب المصالح والمستفيدين الفاسدين يعبثون بثروات البلاد، فجاءت حكومة تغض الطرف عنهم وفي نفس الوقت كل ما تملكه من صلاحيات توظفه وتسخره في خدمة هؤلاء المستفيدين وأصحاب المصالح.
وأنظر إلى مؤسسات السلطة التنفيذية جميعها تحتاج إلى هيكلة جميعها تحتاج إلى إعادة بناء جميعها تحتاج إلى تطهير ولكن لا يستطيع أحد أن يجرؤ على فعل ذلك تدرون لماذا لأن هؤلاء هم الصف الحقيقي الذي يؤمن ظهر المستفيدين واصحاب المصالح وهم الذراع الحقيقية التي تحول جميع إمكانيات الدولة لخدمة بعض الفاسدين الذين يعملون في الخفاء بعيد عن الشرعية، أتحدى أي وزير يقوم بتغيير وكلائه أو مديرينه لأنه ما هو إلا صورة لا يمتلك من منصبه شيء لقد اتضحت الرؤية.
ومن يفسر لي وجود مؤسسات ذات طبيعة خاصة في الدولة تدير نوع من المصالح مع أصحاب المناصب في السلطة التنفيذية وغيرها ومع بعض المواطنين في نطاق خارج على القانون مثل الديوان الأميري الذي يتبنى ممارسات الهدف منها إحكام التدخل في شئون السلطة التنفيذية وإدارة البلاد من مؤسسة واحدة دون إشراك جميع المؤسسات في اتخاذ القرار، وفي نفس الوقت نجد أنه بعيد عن المحاسبة فلا أحد يسأله عن عدد القسائم التي تخصص له وإلى من يهديها وبكم يبيعها وفيما يستغلها كل هذا يتنافى مع المبادئ العامة التي تطلب الحفاظ على المال العام بخلاف ما يقوم به من دور رقابي غير قانوني على وسائل الإعلام.
لا يمكن تحقيق أي إصلاح بدون هيكلة مؤسسات الدولة والوقوف من جميع المؤسسات على حد السواء بما فيها الديوان وإقصاء كل من تورط في التعاون مع لوبي الفساد الذي أغرق البلاد، والرجوع إلى الشرعية الحقيقية التي تنبع من الشعب وهدفها الأول والأخير خدمة الشعب، وكذلك يجب التصدي لكل منتزع لصلاحيات الدولة حتى لو كانت مؤسسة ذات طابع خاص والتصدي لكل مستخدم صلاحيات الدولة لصالحه الشخصي وكأن ما استولى عليه من مناصب ميراث لا يجب التفريط فيه ولا يستخدمه في خدمة الصالح العام فيجب إعادة الأمور في نصابها الصحيح ولو كره المستفيدون منتزعو صلاحيات الدولة.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
 تويتر @meshalmalek

رابط المقال على جريدة المستقبل


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق