الجمعة، 13 يناير 2012

المبادرون والمتثاقلون مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح في جريدة عالم اليوم


ما بين الأضداد والاختلافات والمفارقات تتكون مدركات الإنسان، فلولا وجود اللون الأسود ما أدركنا أن هناك لون أبيض، ولولا وجود البرد ما شعرنا بالحرارة، ولولا وجود الشر لما عرفنا أهمية الخير، وكذلك الأفعال فإنها أيضا أضداد، لذلك استقر أي مجتمع على اعتماد مجموعة من القيم الأساسية والمبادئ العامة التي يعتز بها ويكافئ من تمسك بها ودافع عنها ويستنكر كل من يتمرد عليها أو ينكرها.
 وهذه القيم التي يتبعها الإنسان تنعكس على تفاعله مع المواقف وتحدد اتجاهاته واهتماماته لذلك نجد دائما الناس قسمين اتجاه أي موقف، قد يحدث اتفاق على أمر ما، ولكن هذا الاتفاق لا يمثل الكل بل يمثل الأغلبية.
ومهما اختلف الناس وتعددت آراءهم يبقى الرواد والمبادرون والأوائل في كل موقف شريف هم الأبطال الحقيقيين، إذا كان موقفهم دفاع عن الحق والحد الفاصل بين الحفاظ على القيم والمبادئ الأساسية العامة والأخلاق الكريمة وبين التباطؤ والتواطئ والتنازل على كل القيم الكريمة.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ) وفي هذه الأية الكريم يظهر لنا جليا الصراع النفسي حول قيمة الجهاد وهي من أعظم القيم الإسلامية فنجد هناك مبادرون لم يترددوا ونجد أيضا متباطئون رضو بالهوان وتزييف المبادئ والقيم.
وذكر الجهاد على سبيل المثال وهو ليس موضوعنا الرئيسي، فموضوعنا الرئيسي هو كل من يتباطأ في نصرة الحق وكل من يتخلى عن المبادئ الدينية والمبادئ الاساسية ولاجتماعية العامة ويتمسك بمبادئ لا نجني من ورائها إلى الضياع وفقدان الهوية.
ونحن في وقتنا الحالي بصدد مجموعة من المباطئين الذين استفادوا من تأخر الكويت واستفادوا من انتشار الفساد كنتشار النار في الهشيم داخل مؤسساتها ولم يقف دورهم عن هذا الحد، بل عملوا على نشر مبادئهم الهدامة والفاسدة داخل المجتمع، وأصبح دورهم أخطر من ذلك فاصبحوا يقفون أمام كل من يدافع عن المبادئ العامة وكل من يريد الإصلاح وهذه بعض أفكارهم حتى لا تنخدع بكلامهم.
·       إلقاء التهم الجزافية فسرعان ما يتهمون كل مصلح بأنه عميل وخائن أو مختل عقليا أو أنه تعرض لعملية غسيل مخ، إعلم أنك إذا كنت تدافع عن مبدأ عام واتهمك أحد بهذه الاتهامات فإنك على صواب ولا يجب أن تتخلى عن هذا المبدأ، ولكن لماذا لا يخطر برأس هؤلاء المتثاقلين والمحبطين أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد اتهمه المشركون (بأنه ساحر، أو مجنون ....الخ )
·       المحاربة الإعلامية والحد من التأثير عندما يفشل هؤلاء المحبطين من إلصاق التهم بكل مصلح يلجأون إلى المحاصرة والمحاربة الإعلامية وتضييق الخناق على كل مصلح حتى يحدون من تأثيره بقدر المستطاع، ولكن لماذا لم يخطر برأسهم أننا أصبحنا في عصرا المعلومات وانتقال المعلومات وأن لكل إنسان وسائله الخاصة التي تجعله متواصل مع الناس.
·       استخدام الضغوط الاجتماعية وعندما تفشل المراحل السابقة يلجأون إلى تأجيج غضب أفراد المجتمع عليك وقد ينجحوا في أن يضعوك تحت ضغط اجتماعي نفسي، ولكنهم يفشلوا دائما في ذلك لأن الناس لا يقفون كلهم ضدك وهناك من يناصرك.
·       أخر مرحلة هي الحرب النفسية حيث يشعرونك بالعزلة الاجتماعية، بأن يوجهوا إليك بعض العبارات (أنت راح تصلح الكويت، وكذلك تجد ابتسامات السخرية على وجوههم من كلامك عن الإصلاح، وقد تصل لدرجة أن يسبون الوطن ويدعون إلى الاتكالية والانهزامية وينظرون لأنفسهم فقط ويقولون أهم شيء نفسي ) ولكنهم يفعلون ذلك من خوفهم الشديد من حدوث الإصلاح الحقيقي لأنهم سوف يكونون ليس لهم دور ولا مكان فهم من يستفيد من التأخر والفساد ولا يخفى على أحد هذه الشخصيات من المسئولين أو ممن يعاونونهم من الفئات المستفيدة.
ولكن لماذا لم يخطر برأسهم أن الفرد قادر فعلا على إصلاح الكون، والواقع التاريخي يؤكد ذلك حيث كم من أصحاب الأفكار استطاعوا أن يغيروا شكل العالم، فالجميع يعلم التأثير القوي الذي أحدثه محمد صلى الله عليه وسلم مما جعل المفكرين الغربيين يشيدون بذلك، وسنذكر أمثالا كثيرة على البشر العاديين حتى لا يردون علينا ويقولون نحن لسنا أنبياء.
والجميع يعلم أفكار العلماء على مر العصور والمفكرين والفلاسفة والأبطال الذين كانت لنظرياتهم العلمية والأدبية والفلسفية والعملية وقع السحر على الناس مثل المنطق الأرسطي، والنظرية النسبية عند اينشطين واديسون الذي اخترع المصباح الكهربائي فجعل العالم يضيء، أحمد زويل الذي احدث طفرة في المناظير، ماركس والنظرية المادية الرأسمالية، عنتر بن شداد، سيف الله المسلول خالد بن الوليد، صلاح الدين الأيوبي ، غاندي زعيم المقاومة السلمية، مهاتير محمد الذي جعل ماليزيا من النمور الأسوية، اردوغان الذي جعل تركيا تنتقل إلى أقوى اقتصاد في العالم في وقت قصير ......الخ وهناك الكثير والكثير وإذا تحدثنا عن تأثير الأفراد فإن الحديث لن ينقطع.
لقد تحول بعض المسئولون للأسف الشديد إلى متثاقلين ومحبطين ولم يتوقفوا عند هذا الحد فقط بل أنهم يدعون إلى التثاقل والاحباط هم وبعض المستفيدين من سياستهم ونهجهم، ويجب على الجميع أن يقف أمام هؤلاء مهما كلفه ذلك.
وأدعو كل شاب وكل إنسان يشعر بصراع فكري حين ينوي الدفاع عن قضية معينة أن يتبنى قضيته ويدفاع عنها ويكون من المبادرين والسباقين ولا يركن للمحبطين والمتباطئين ولا يجعل نفسه من الطائفة التي ينكرها المجتمع ووينكرها التاريخ وعندما يردون إلى الله تنال أشد العقاب.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق