الأحد، 17 يونيو 2012

عدالة الصفوة مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

العدالة هي القاعدة الاجتماعية الأساسية لإستمرار المجتمعات والمحور الأساسي في الأخلاق وفي الحقوق وفي الأفكار الإجتماعية، والعدالة الاجتماعية مثلا هي النظام العادل الذي يهدف إلى إزالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع بحيث تسود فيه العدالة في كافة الجوانب بشكل عام، وإذا كانت هناك عدالة في جميع جوانب الدولة ومناحيها فيجب أن يكون التعبير عن إرادة الشعب السياسية وفق نظام سهل وغير معقد فلا يكون مفروض من قيادة معينة أو من جهة حكومية واحدة بحيث تقيد حرية اختيار المواطنين.
ولكننا نجد أن التعبير عن الإرادة الشعبية بعيد كل البعد عن العدالة والمساواة، لأن الإرادة السياسية تسير بطريقة لا تعتمد على الإرادة الشعبية في اختيار الحكومة، فشخصية رئيس الوزراء لا يتم اختياره من مجلس الأمة المنتخب من قبل الشعب، وفي نفس الوقت لا يتم اختياره من حزب حصل على الأغلبية من قبل الشعب وذلك لأن السلطة في الكويت لا توافق على اعتماد نظام الأحزاب ومن هنا تظهر إشكالية خطيرة وهي سيطرة الصفوة داخل الدولة على اتخاذ القرار وفرض الإرادة السياسية على الشعب وعدم السماح بأي تطورات حقيقية نحو الديمقراطية لأنهم يعتقدون أن هذه التطورات الديمقراطية سوف تسحب البساط من تحت أقدامهم.
إن الصفوة المسيطرة في الدولة ملزمة شرعا وقانونا بتحقيق العدالة ويجب أن تسمح للناس اختيارهم وفق قواعد العدل والمساواة والكفاءة والصفوة ملزمة أيضا بالحفاظ على حقوق الناس، وليس من حقها التصرف بشئون الناس منفردة بعيد عن رضاهم وتأييدهم، وهذه الإشكالية الحقيقية المعقدة التي نعيشها على أرض الواقع فالسلطة الكويتية تنادي كثيرا بتحقيق الديمقراطية وتتغنى بتحقيق العدل والمساواة ولكن كل هذا حديث فقط وشعارات فقط دون تطبيق أو تنفيذ وهذا يدل على تخلي السلطة الكويتية عن مفاهيم الحق والعدل والمساواة لإقامة الدولة واستمرارها، وهذه المفاهيم هي المرتكزات الأساسية لأي حكم ولأي دولة ولأي دستور.
وهذا التناقض الشديد الذي يظهر ما بين أقوال وأفعال الصفوة في الدولة يدل على مدى اعتقادهم أن القوة والمال هما الوسيلة الحقيقية لاستمرار الدولة ولاستمرار نفوذهم وامتيازاتهم، نعم للأسف الشديد هذا هو تفكير الصفوة في الكويت الذين سمحوا للفساد ينتشر بسبب تخليهم عن المبادئ الحقيقية التي تقام عليها الدولة وسمحوا للبطانة الفاسدة وأصحاب المصالح الشخصية العبث بشئوون الناس دون تدخل من السلطة، وأتمنى أن تجيب الصفوة على هذا التساؤلات وهي:
 لماذا لا نرى لأهل الكفاءة والمقدرة دور في دولة الكويت؟ ولماذا لم يراعى العدل والمساواة فيمن يتم اختيارهم لإدارة شئون الناس داخل مؤسسات الدولة؟ ولماذا لا يتم التعبير عن إرادة الشعب وفق العدل والمساواة وإعطاء الشعب الحق الكامل في اختيار إرادته السياسية؟ لماذا هناك ضبابية على مبدأ المحاسبة وترك المخطئين في حق الشعب؟.
ومن الأعراض الخطيرة لهذه الإشكالية التي ظهرت جليا هي دفاع الصفوة عن أنفسهم وحماية رموزهم من المحاسبة وهناك الكثير من الحوادث في الفترة القصيرة الماضية تدل على ذلك، وتدل على أن السلطة في الكويت تعتمد على صفوة القوة باستخدام الأمن في أغراض سياسية والمال بإحداث خلل اقتصادي بين طبقات المجتمع وهذا التحالف أصبح واضح حيث تعتمد عليه السلطة في تقوية نفوذها وإحكام سيطرتها، لذلك رأينا الدفاع عن تورطهم في قضايا فساد أو ما شابه ذلك.
وسوف تستمر هذه الإشكالية وسوف تزداد تعقيدا وتشابكا إذا استمر الفكر الحالي للصفوة التي لا تأخذ في الاعتبار الإرادة الشعبية وتعتمد على خيارات أخرى بديلة غير شرعية ولا تحقق الصالح العام.
يبقى أن أنذكر الجميع أن الخطوة الحقيقية للإصلاح وتحقيق الصالح العام هي إرساء مبدأ المساواة والعدل وتفعيل ذلك على أرض الواقع من خلال إعطاء الشعب الحرية التامة في اختيار إرادته السياسية وهذا ما يدفعنا لتبني مبدأ إشهار الأحزاب وتعدد الأحزاب النابعة من المجتمع وفق القوانين والأسس الصحيحة التي تكفل للكويت تطور أفضل نحو الديمقراطية وتحقق لها خطوة واثقة نحو التنمية والتقدم والرقي والازدهار.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
تويتر meshalmalek@
رابط المقال على جريدة الآن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق