الجمعة، 8 يونيو 2012

اختطاف القرار مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

تخاذ القرارات الصحيحة والمناسبة من قبل السلطة، هو الذي يكسب السلطة احترامها وهيبتها أمام الشعب وهو الذي يحكم على أي مشكلة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية بالاستمرار أو الانتهاء، ومع تطور الأنظمة العالمية المعاصرة في إدارة شئون البلاد بدأت أدوات دعم اتخاذ القرار تتطور أيضا وتسير جنبا إلى جنب لجميع الديمقراطيات المعاصرة في العالم.
ولعل التطور المتسارع في أدوات دعم اتخاذ القرار وتنوعها يؤكد للجميع الدور الهام الذي تحتله هذه الأدوات، ولأن استطلاع الرأي العام أحد أهم أدوات دعم القرار في النظم الديمقراطية المعاصرة نجد أنه أصبح ضرورة حتمية في اتخاذ القرار بشكل صحيح، حيث يمثل النمط الانتخابي في اتخاذ القرار، الذي يلجأ فيه صانع القرار الى الانتخاب دائما، ويعتمد على أراء الناس في اتخاذ القرار، وللتعرف على الرأي العام أكثر نجد (بسمارك) يعرفه على أنه :'هو ذلك التيار اليومي الذي يغلب صوته على صوت الآخرين في الصحافة وجلسات البرلمان، ويتكون هذا الرأي بحق من باطن حياة الشعب، حيث ترفده عناصر سياسية ودينية واجتماعية'.
ولكن في ظل الحلول الترقيعية التي شاهدناها ونشاهدها من متخذي القرار في السلطة، يتضح لنا أن السلطة لا تقيم وزن للرأي العام، ويعكس ذلك تخبط السلطة الواضح في اتخاذ القرار، حيث أنه لا يبنى على أسس علمية صحيحة، وذلك لأنه لا يستمد من استطلاع آراء الناس ولا حتى بناء على دراسة تحليلية عميقة وهذا الذي يجعلنا نجزم بأن اتخاذ القرار مختطف من قبل البطانة الفاسدة في جميع مؤسسات الدولة بما فيها الديوان الأميري وديوان سمو ولي العهد من أصحاب المصالح الشخصية ويدل على ذلك عدة مواقف مضطربة من السلطة توضح قرارات مضطربة ومختطفة.
بداية يتضح منذ استقالة الحكومة قبل حل مجلس الأمة من مدى الحجم الهائل من التساؤلات المثيرة للجدل وإن كانت تساؤلات مشروعة حول حق حكومة مستقيلة في الموافقة على طلب بحل مجلس.
ثانيا: تطور الأمر إلى أكثر من ذلك فرأينا الحلول الترقيعية من قبل السلطة تجاه مطالبة الشعب  بالإصلاح حيث تم تشكيل الحكومة الجديدة من نفس أعضاء الحكومة التي أطاح بها الشعب وهذا فيه إقصاء تام للرأي العام الذي كان يسود هذه المرحلة وهو إيمان الشعب بعدم كفاءة ونزاهة هذه الحكومة بأكملها وهذا يدل على أن استطلاع الرأي العام غائب عن متخذي القرار ويدل أيضا على وجود نفوذ للبطانة الفاسدة مختطفة للقرار.
ثالثا: مسألة المحاسبة الهزلية التي رأيناها أثبتت أن السلطة ليست جادة في تحقيق مبدأ العدالة والمساواة حيث تم استثناء المحاسبة على الجرائم السياسية وإلصاق تهم سطحية تمهيدا للتبرئة النهائية وهذا أيضا يدل على مدى توغل البطانة الفاسدة في جميع مؤسسات الدولة واختطافها القرار.
رابعا: التعامل مع مشاكل إضرابات الموظفين مثلا فقد تم استجابة السلطة بزيادة غير مدروسة على رواتب الموظفين ودون تحقيق التنمية الحقيقية التي تكفي هذه الزيادة. بل أصبحت عبء على ميزانية الدولة التي ينفق أزيد من ثلثها على رواتب الموظفين ولا يوجد هناك أي خطط للتنمية وهذا التخبط يدل على اختطاف للقرار من قبل البطانة الفاسدة.
خامسا: الوقوف أمام التطور الديمقراطي من قبل السلطة، لعدم السماح بوجود حكومة منتخبة تعبر عن الشعب، وتعطي الشعب الحق في محاسبة أي مسئول أوكلوا إليه السلطة، وتمسك المسئولين بالسلطة المطلقة كل ذلك يدل على أن اتخاذ القرار مختطف من قبل البطانة الفاسدة.
سادسا: الصلاحيات والممارسات التي تمارسها شئون الأسرة داخل الديوان على المعارضين السياسيين من الأسرة تعتبر ممارسات غير دستورية وغير قانونية تحتوي على تهديدات بهدف تكميم أفواه الأحرار من أبناء الشعب الكويتي سواء من الأسرة أو من خارجها من الذين يعبرون عن وجهة نظرهم تجاه قضايا وطنية أو يبدون رأيهم في الأداء السياسي والمؤسسي للبلاد بشكل عام، للعلم أنه لا ينبغي أن تكون هناك أي صلاحيات تقف أمام حرية التعبير عن الرأي أيا كان، وإذا نظرنا لمثل هذه الممارسات نجد حقا أن القرار مختطف من قبل البطانة الفاسدة.
وأخيرا: الاستدارة الماكرة من قبل السلطة على مطالب الشعب حيث جاءت الاستجابة لعملية الإصلاح مزيفة تسمح للوكلاء والمديرين الفاسدين في جميع الوزارات كما هم دون هيكلة أو تغيير مع التأكد من عدم كفاءتهم وتواطؤهم في الفساد، وكل ذلك يدل أيضا على أن اتخاذ القرار مختطف من قبل البطانة الفاسدة أصحاب المصالح الشخصية.
إن الشعب الكويتي لا يجب أن يعود في منتصف الطريق، وإن عملية الإصلاح من أولويات الشعب الكويتي، ويجب أن يعلم الجميع أن البطانة الفاسدة هي العقبة الكبرى أمام عملية الإصلاح وأمام الديمقراطية وأمام المصلحة العامة، ويجب أن يتم القضاء عليها حتى يتحقق الإصلاح وحتى يعود اتخاذ القرار إلى أسسه الصحيحة، ويكون ملك السلطة الواعية التي تدرس كل المعلومات المتوفرة وتستطلع الرأي العام الشعب.

الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
تويتر  meshalmalek@
رابط المقال على جريدة الآن الإلكترونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق