الخميس، 12 يوليو 2012

الاستقلال الحقيقي مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

قال (لورد أكتون) عالم التاريخ الحديث 'الحرية تتطلب الحماية من سيطرة الآخرين' و 'السلطة المطلقة مفسدة مطلقة' .
وللسلطة المطلقة والسيطرة علامات ودلائل على وجودها أول هذه العلامات استمرار أصحاب المناصب في مناصبهم واحتكار المناصب وفي هذه الجزئية نرى أن أي تتغير لأصحاب المناصب التنفيذية في الكويت يشمل نفس الأفراد وجميع مستويات المناصب الأقل تكون كما هي فكل تعديل وزاري ينطوي على نفس الأفراد ويبقي على الوكلاء والمديرين والمساعدين كما هم.
ومن العلامات أيضا تكريس سياسة الاتجاه الواحد لأن السلطة المطلقة يجب أن تجد لنفسها شرعية حتى ولو كانت شرعية وهمية حتى تقنع الناس بقراراتها المطلقة والمنفردة البعيدة عن الديمقراطية وإدارة شئون البلاد وفق الإرادة الشعبية وفي الكويت حيث جميع وسائل الإعلام في الكويتية الخاصة والحكومية موجهة لخدمة اتجاه واحد، ولا يعتقد أحد أن الصحف الخاصة تمثل صحافة حرة لأن لكل منها سياستها التحريرية التي تتفق مع الاتجاه الواحد الذي يمثل الدولة ولكل منها سقف معين لا يجوز لها أن تتعداه بأي حال من الأحوال.
ومن علامات السلطة المطلقة أيضا توفير الحماية لمساعديها وأعضائها وهذا ما نراه في الكويت فلا يوجد إنسان تولى سلطة تنفيذية في تاريخ الكويت تمت محاسبته جديا وهذا يثبت احتمالين الأول أنه لا يوجد هناك رقابة حقيقية تتيح كشف جرائم المسئولين والاحتمال الثاني أن هؤلاء المسئولين فعلا ملائكة وأن التدهور الذي نراه شيء طبيعي أو الشعب هو المتسبب فيه، وبما أن الاحتمال الثاني مستحيل فإننا نرجح الاحتمال الأول بل نزيد عليه أن هذا يدل على السلطة المطلقة التي توفر الحماية لمساعديها وأعضائها حتى تمكن لنفسها.
وأننا كما نقر أن هناك الكثير من العلامات التي تدل على وجود السلطة المطلقة بالكويت نقر أيضا أن هناك الكثير من الوسائل التي تتبعها السلطة المطلقة، المتمثلة في القمع ولا يعتقد أحد أن القمع يكون بالقوة وبالأمن فقط وإن كان ذلك حدث في الكويت ولكن القمع يكون باسم العادات والتقاليد والأحكام الغير قانونية التي تقمع فكر المواطنين، وتصدي السلطة لأي محاولة للتعليم الحقيقي حتى تستمر في منصبها دون أن تتعرض إلى جدل أو نقاش من أي مواطن وحتى تفعل ما تشاء دون معارضة، وتكييف القوانين والمؤسسات واللوائح والقرارات بما يتناسب مع اتجاهها الواحد، ووضع الشعب في قالب معين وبرمجته فكريا بطريقة معينة تسمح بتوجيه الشعب وفق أديلوجية السلطة وتستخدم في ذلك الإعلام والدين وكل السبل المستطاعة، وتصطنع عدو وهمي وتحميس الناس لمواجه العدو، العمل على تفكيك المجتمع أسريا وقبليا ورأينا جميع الفتن التي يبثها الإعلام والمواقف المتناقضة من مؤسسات الدولة تجاه بعض القضايا التي تؤكد أنهم صانعوا الفتن بأجهزتهم الكثيرة، دائما ما تعتمد السلطة المطلقة أيضا على استخدام الجهاز الاستخبارات في تخلل الشعب ورأينا كيف يستطيع التوصل إلى المغردين ويتم اعتقالهم في وقت قياسي.
لا يعتقد أحد أن عدم الاستقرار السياسي الذي تمر به الكويت نتج من فراغ، أو أمر تلقائي بل هو ناتج عن عزل إرادة الشعب عن الحياة السياسة والقضاء على حريته و'الحرية تتطلب الحماية من سيطرة الآخرين' وللاسف الكويت تقع تحت سيطرة البطانة العليا الفاسدة وهذا هو الخطر الأكبر لأن البطانة العليا الفاسدة هي التي كرست فكرة السلطة المطلقة باستشاراتها وتوجيهاتها معدومة الضمير وتصدت بكل قوة لأي تطور ديمقراطي واستطاعت أن توقف الكويت في وسط طريقها تجاه الديمقراطية بسبب تأثيرها السلبي على اتخاذ القرار.
يجب أن تستقل السلطة عن تأثير وسيطرة البطانة العليا الفاسدة التي عاثت في الأرض فسادا وكأنها تقول للناس 'وما أريكم إلا ما أرى' إن ما تمر به الكويت الآن هو شرع البطانة العليا الفاسدة التي تفصل بكل الطرق إرادة الشعب عن الحياة السياسية وتفصل الجميع عن المبادئ العامة التي تحقق العدل والحرية والكرامة للمواطنين.
أتوجه إلى نواب الإصلاح وإلى أبطال ساحة الإرادة وإلى جميع المواطنين الأحرار بهذا النداء الصادق وهو أن السبب الحقيقي في الفساد وعدم الاستقرار هو البطانة العليا الفاسدة ، وأن جهدنا الحقيقي الذي يمكن أن نقدمه للكويت هو محاولة استقلال القرار من هذه البطانة العليا الفاسدة لأنه مهما حدث من مكاسب للشعب سوف يتم الالتفاف عليها والانقلاب عليها في أوقات لاحقة وما حدث من حل المجلس كان عبرة لنا جميعا، هذا لأن السبب الرئيسي في ذلك هم البطانة الفاسدة التي تثبت وتدعم أعضاءها ومصالحها وتقصي أي فرد أخر وأي إرادة إخرى غير إرادتها وتحميهم، والدليل على ذلك كل من لفظهم الشعب وثبت فسادهم وتورطهم وتم إزالتهم بإرادة الشعبية نراهم يتم احتضانهم وتعيينهم مستشارين لدى الديوان الأميري أعتقد أن الرؤية قد اتضحت.
استقلال الكويت من البطانة العليا الفاسدة هو الهدف الحقيقي الذي يجب أن يسعى إليه الشرفاء والنبلاء والأحرار في هذه الأمة فبدون ذلك سوف يتم الانقلاب على أي إرادة شعبية بل وسوف يتم محاسبة كل رمز شعبي شريف بعد الانقلاب على الإرادة الشعبية.
يجب أن يعلم الجميع أن الخلل في مؤسسات الدولة والخلل في اتخاذ القرارات والخلل في جميع القطاعات ناتج من تأثير البطانة العليا الفاسدة، وأقول لكل من يهتم بتقسيم الدوائر الانتخابية وكل من يهتم بالوصول إلى البرلمان وكل من يطمح لتقلد منصب تنفيذي لا ينبغي أن يكون هذا هدفك في ظل هذه البطانة العليا الفاسدة، التي سوف تجعلك تصل إلى المجلس ثم يتم حله بكل بساطة وتجعلت تيأس من الوصول إلى أي منصب تنفيذي لأنه محتكر لغيرك وتجعلك دمية تحركها في يدها إذا تركت البطانة تعبث بالسلطة وبمؤسسات الدولة وتتحايل على إرادة الشعب.
يجب أن يكون هدفنا القادم هو استئصال البطانة العليا الفاسدة واستقلال السلطة عنها وعن تأثيرها السلبي وهذا الهدف إن تحقق فهو نصر يعادل استقلال الكويت وتحريرها من العدوان الغاشم.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
تويتر meshalmalek@

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق