الخميس، 12 يوليو 2012

تصحيح مسار الحركة الإصلاحية مقال للشيخ مشعل مالك الصباح

تصحيح مسار الحركة الإصلاحية
إن الصحوة المجتمعية التي حدثت في الكويت كان هدفها إحداث تغييرات سياسية واجتماعية واقتصادية، لذلك نددت هذه الصحوة بسيطرة السلطة المطلقة المستمرة التي تفتقر لأبسط أسباب العدالة، وتطلع الشعب الكويتي لتحقيق الديمقراطية الحقيقية، وبدأت مطالبات الشعب تفرض واقع سياسي جديد بإقالة الحكومة الفاسدة وكان من المتوقع أن يتم تشكيل حكومة وطنية كفء تكنوقراط ويتم تفعيل الرقابة الحقيقية بمجلس جديد منتخب تحقيقا لمطالب الحركة الإصلاحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية فتتحقق العدالة.
ولكن أصبحت كل هذه التطلعات والمطالبات الشعبية رهن لما تقوم به السلطة من إجراءات شكلية اعتبرها الشعب غير كافية لتحقيق مطالبه بل اعتبرها انقلاب على الإرادة الشعبية إن صح التعبير، نعم لقد نجحت التحركات المضادة، وكالعادة أي حركة إصلاحية في التاريخ أو أي ثورة أو أي صحوة أو أي فكرة تواجه بتحركات مضادة من المستفيدين وأصحاب المصالح والبطانة العليا الفاسدة وتجمعهم جميعا السلطة.
ويعود الوضع كما كان عليه بل ويزداد سوءا، ولقد رأينا جميع المكتسبات التي حققتها الحركة الإصلاحية في الكويت أطاحت بها الإجراءات الشكلية الخاطئة والتفت عليها السلطة التفاف ماكر يؤدي إلى دخول البلاد في دوامة سياسية وقضائية جدلية ترهق أمال وطموح وتطلعات الشعب، وظن الجميع أنه حدث تغيير وحدث إصلاح ولكن فجأة وجدنا أنفسنا نعود من حيث بدأنا بل بالعكس نعود إلى الوراء بسرعة الصاروخ.
وطالما عاد الشعب الكويتي إلى حيث بدأ مشواره في الإصلاح فعليه أن يبدأ هذه المرة بداية صحيحة وقوية يتلافى فيها الأخطاء التي اقترفها أول مرة وهذا في عدة خطوات:
** أولا: لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتكون حكومة جديدة من رحم حكومة قديمة فاسدة، لأن صانع المشكلة لا يستطيع حلها وهذا ما رأيناه في الحكومة الجديدة التي طمست أدلة إدانة المسئولين وتحايلت على الإرادة الشعبية وستغلت جميع مؤسسات الدولة في النيل من الحركة الإصلاحية نعم هذه الحكومة التي تدير شئون البلاد قد إحدثت كم هائل من التشويش على الإرادة الشعبية والحركة الإصلاحية وعدم وضوح الرؤية التي تتبناها من أجل تحقيق أهداف الشعب وساهمت في بث روح الخوف والقلق والأحباط في نفوس المواطنين وتبنت الحركات المضادة،،، لذلك ينبغي أن نتكاتف من أجل إيجاد حكومة وطنية حقيقية كفء مغايرة تماما للحكومات السابقة ولا تعتبر مسخ من حكومة سابقة فاسدة.
**ثانيا: الحملة الإعلامية الشرسة التي تعرض لها المجلس المنتخب ورموز الحركة الإصلاحية  ولقد رأينا جميعا عناوين الصحف وعلى شاشات القنوات حجم الحملة التي شنتها التحركات المضادة من قبل السلطة التي كان هدفها العصف بالإرادة الشعبية ورموزها وإظهارهم أصحاب فتن والقلاقل واتهموهم بالعمالة وفي المقابل تستقبل بكل حفاوة المفسدين وتلقي الضوء على صورة مغلوطة تحسن بها الفاسدين ، إن معظم وسائل الإعلام الكويتية الخاصة والحكومية موجهة وتستخدم كسلاح في يد السلطة لذلك لا ينبغي أبدا أن نخطأ نفس الخطأ وننقاد وراءها فيجب أن نبدأ من الأن في تدارك الخطر الذي يمكن أن يسببه الإعلام الموجه، ويجب أن يتم من الأن إنشاء إعلام حر مستقل يقضي على دمى السلطة المتلونين الذين يتلونون من آن إلى أخر بما يتفق مع أهواء ومصالح السلطة وبطانتها الفاسدة، لقد ضربت الممارسات الإعلامية في دولة الكويت الإرادة الشعبية في مقتل لذلك يجب تقنينها وتطهيرها وإيجاد إعلام حر مستقل.
** ثالثا: عدم هيكلة المؤسسات فلم نرى إحداث تبديل وتدوير للكوادر الرئيسية مثل الوكلاء والمديرين كان ذلك سلسلة من الانقلاب على الإرادة الشعبية لأن المطالبة بحكومة جديدة قوية يستدعي أن يكون لديها الأجهزة القوية الكفء التي تساعدها في تحقيق الإصلاح ولكن لأن الحكومة ظلت كما هي فكان من الطبيعي أن يظل الوكلاء والمديرين كما هم وهذا أضعف الإصلاح بل قضى عليه لذلك لا ينبغي أبدا أن نقتنع بتحقيق إصلاح حقيقي بدون إحداث هيكلة تتناسب مع هذا الإصلاح وتتناسب مع إحداث تغيير جذري يلبي مطالب الإرادة الشعبية، فيجب أن يكون هذا المطلب على أولويات المطالبات القادمة لتحقيق الإصلاح.
**رابعا: إن الاقتراب من المؤسسات القضائية شيء في غاية الخطورة والحساسية ولجميع يكن كل الاحترام والتقدير للقضاء ولكن يجب أن نعلم جميعا أن هناك حالات استثنائية وفترات تضعف فيها جميع مؤسسات الدولة بما فيها القضاء ويجب أن نقبل جميعا أن يكون هناك نوع من التطوير والتكميل للقضاء بحيث يصل إلى أعلى درجات الاستقلال والحيادية وتطبيق القانون وهذا لا يعيب من يسعى لتحقيق لذلك، وبما أن القضاء مؤسسة داخل الدولة لذلك يجب أن ينالها من التطوير والتغيير ما يكفل لها أن تصبح أكثر استقلالية وأكثر تطبيقا للحق وإقامة العدل لأن السلطة عادة ما تلجأ لاستخدام القضاء استخدام سياسي يؤدي إلى الالتفاف على الإرادة الشعبية وما حدث في مصر وفي الكويت في الأحداث الأخيرة أحاط القضاء بالشكوك وزج به في دائرة السياسة التي تقبل النقد والتجريح، لذلك لا ينبغي أبدا أن يتحقق الإصلاح إلى إذا طالبنا جميعا بتطهير القضاء وإرساء المبادئ الحقيقية العادلة لاختيار رؤساء المؤسسات القضائية في البلاد حتى تتحقق أهداف الحركة الإصلاحية.
**خامسا: التصدي بكل حزم لجميع الفتن التي تثيرها السلطة ولقد رأينا مؤخرا ملفات السلطة المعروفة لإثارة الفتن بين المذاهب وبين القبائل للفت نظر الرأي العام وإلهائه عن حقيقة الصراع الحقيقي من أجل تحقيق الإصلاح ولإشعاره بالقلق والإحباط لذلك لا ينبغي أبدا أن ننساق وراء هذه الفتن ويجب أن نعلم جيدا أنها مسألة وقتية ومقصودة الهدف منها العبث بالوحدة الوطنية لهذا البلد الذي طالب مواطنوه بالإصلاح فيجب أن نفعل ونحفز الوحدة الوطنية.
**سادسا: لا يمكن أن يكون هناك إصرار حقيقي على تحقيق الإصلاح ونترك مؤسسات ذات طابع خاص تعبث بمؤسسات الدولة في الخفاء أو تحتوي من تم إطاحته بإرادة شعبيه وكأنها الملجأ لكل مخطئ والملاذ لكل مذنب والحصن لكل من أجرم في حق الشعب، لذلك يجب أن يتم توصيف اختصاصات المؤسسات ذات الطابع الخاص مرة أخرى والجميع يعلم أن هناك أكثر من مسئول تم إطاحتهم بإرادة شعبية واضحة ثم تم احتوائهم من قبل مؤسسات ذات طابع خاص بل وتم مكافأتهم وتكريمهم ماديا وأدبيا لذلك يجب أن يتم توصيف مهام واختصاصات هذه المؤسسات جيدا حتى نتمكن من ملاحقة أي مخطئ.
** سابعا: انتشار المطالب الفئوية تعمل السلطة على انتشار المطالب الفئوية التي تشعر الناس بالفوضى حتى يخافوا من المطالبة بتحقيق الإصلاح واللجوء إلى السلطة المطلقة كبديل سهل ولكن يجب أن نعلم جيدا أنه يجب أن نحقق المطالب العامة أولا وبعدها سوف تتحقق جميع المطالب الفئوية من تلقاء نفسها.
** ثامنا: لا يمكن أن نتصور أن يكون هناك إصلاح حقيقي في ظل بطانة عليا فاسدة تتحكم في الخفاء بجميع القرارات وتفرض تأثيرها فتؤدي إلى الصراعات حيث تأخر البلاد وعدم تحقيق الإصلاح والاستقرار، البطانة العليا الفاسدة أصبحت أمر واقع في دولة الكويت وأصبحت تناصب رموز الإصلاح العداء وتعصف بنفوذها المفرط داخل السلطة بأي إرادة شعبية والغريب أنها أصبحت ذات حصانة سلطوية لا يمكن لإنسان انتقادها أو توجيه التهم إليها وكأنهم أصحاب القرار لذلك لا ينبغي أن نقبل أبدا أن تقع السلطة تحت أي تأثير من البطانة العليا الفاسدة يؤثر على مصالح ومستقبل البلاد.
**تاسعا: البعد عن التناقض تجاه القضايا السياسية والاجتماعية التي تمس الوطن فيجب أن يكون هناك جنوح إلى إقامة العدل والمبادئ العامة فلا يمكن أن نطالب بتحقيق العدل والمساواة وجميع المبادئ العامة ثم لا نتبنى قضية مثل قضية البدون أو نقوم بظلمهم في الوقت الذي نطالب فيه بتحقيق العدل، فإذا أردنا إقادمة دولة قانون وتحقيق الإصلاح الحقيقي يجب أن ننظر إلى جميع القضايا بعدالة عمياء دون التعامل بمكيالين الذي يظهر التناقض ويضعف موقف من يطالب بالإصلاح، فيجب على الحركة الإصلاحية أن تطالب بتحقيق العدالة العمياء بدون التناقض حتى تكون أكثر مصداقية وتتبنى جميع قضايا مجتمع الكويتي وتنوي حلها حل فعلي.
** وأخيرا أدعو الشعب الكويتي الكريم ورموز الإصلاح والحركة الإصلاحية إلى التوجه بكل صدق وإخلاص إلى الإصلاح الحقيقي وإذا كنا جميعا نطلب الإصلاح الحقيقي فيجب أن نعلم جيدا أن الإصلاح لن يكون إلى بتغيير كل واقع مؤلم تسبب في تأخر البلاد وانهيار قطاعاتها وكل واقع مؤلم قضى على العدل فيها وهذا يتطلب الجهد الحقيقي وترك أي ثغرة سوف يرجعنا جميعا إلى نقطة الصفر والبدء من جديد وفي كل مرة أتمنى أن نتلافى الأخطاء الجسيمة التي وقعنا فيها كحركة إصلاحية والاخطاء الماكرة المقصودة التي حاكتها السلطة للشعب كسلطة مطلقة تلتف على إرادة الشعب.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
 تويتر: meshalmalek@
رابط المقال على جريدة الآن الإلكترونية

الاستقلال الحقيقي مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

قال (لورد أكتون) عالم التاريخ الحديث 'الحرية تتطلب الحماية من سيطرة الآخرين' و 'السلطة المطلقة مفسدة مطلقة' .
وللسلطة المطلقة والسيطرة علامات ودلائل على وجودها أول هذه العلامات استمرار أصحاب المناصب في مناصبهم واحتكار المناصب وفي هذه الجزئية نرى أن أي تتغير لأصحاب المناصب التنفيذية في الكويت يشمل نفس الأفراد وجميع مستويات المناصب الأقل تكون كما هي فكل تعديل وزاري ينطوي على نفس الأفراد ويبقي على الوكلاء والمديرين والمساعدين كما هم.
ومن العلامات أيضا تكريس سياسة الاتجاه الواحد لأن السلطة المطلقة يجب أن تجد لنفسها شرعية حتى ولو كانت شرعية وهمية حتى تقنع الناس بقراراتها المطلقة والمنفردة البعيدة عن الديمقراطية وإدارة شئون البلاد وفق الإرادة الشعبية وفي الكويت حيث جميع وسائل الإعلام في الكويتية الخاصة والحكومية موجهة لخدمة اتجاه واحد، ولا يعتقد أحد أن الصحف الخاصة تمثل صحافة حرة لأن لكل منها سياستها التحريرية التي تتفق مع الاتجاه الواحد الذي يمثل الدولة ولكل منها سقف معين لا يجوز لها أن تتعداه بأي حال من الأحوال.
ومن علامات السلطة المطلقة أيضا توفير الحماية لمساعديها وأعضائها وهذا ما نراه في الكويت فلا يوجد إنسان تولى سلطة تنفيذية في تاريخ الكويت تمت محاسبته جديا وهذا يثبت احتمالين الأول أنه لا يوجد هناك رقابة حقيقية تتيح كشف جرائم المسئولين والاحتمال الثاني أن هؤلاء المسئولين فعلا ملائكة وأن التدهور الذي نراه شيء طبيعي أو الشعب هو المتسبب فيه، وبما أن الاحتمال الثاني مستحيل فإننا نرجح الاحتمال الأول بل نزيد عليه أن هذا يدل على السلطة المطلقة التي توفر الحماية لمساعديها وأعضائها حتى تمكن لنفسها.
وأننا كما نقر أن هناك الكثير من العلامات التي تدل على وجود السلطة المطلقة بالكويت نقر أيضا أن هناك الكثير من الوسائل التي تتبعها السلطة المطلقة، المتمثلة في القمع ولا يعتقد أحد أن القمع يكون بالقوة وبالأمن فقط وإن كان ذلك حدث في الكويت ولكن القمع يكون باسم العادات والتقاليد والأحكام الغير قانونية التي تقمع فكر المواطنين، وتصدي السلطة لأي محاولة للتعليم الحقيقي حتى تستمر في منصبها دون أن تتعرض إلى جدل أو نقاش من أي مواطن وحتى تفعل ما تشاء دون معارضة، وتكييف القوانين والمؤسسات واللوائح والقرارات بما يتناسب مع اتجاهها الواحد، ووضع الشعب في قالب معين وبرمجته فكريا بطريقة معينة تسمح بتوجيه الشعب وفق أديلوجية السلطة وتستخدم في ذلك الإعلام والدين وكل السبل المستطاعة، وتصطنع عدو وهمي وتحميس الناس لمواجه العدو، العمل على تفكيك المجتمع أسريا وقبليا ورأينا جميع الفتن التي يبثها الإعلام والمواقف المتناقضة من مؤسسات الدولة تجاه بعض القضايا التي تؤكد أنهم صانعوا الفتن بأجهزتهم الكثيرة، دائما ما تعتمد السلطة المطلقة أيضا على استخدام الجهاز الاستخبارات في تخلل الشعب ورأينا كيف يستطيع التوصل إلى المغردين ويتم اعتقالهم في وقت قياسي.
لا يعتقد أحد أن عدم الاستقرار السياسي الذي تمر به الكويت نتج من فراغ، أو أمر تلقائي بل هو ناتج عن عزل إرادة الشعب عن الحياة السياسة والقضاء على حريته و'الحرية تتطلب الحماية من سيطرة الآخرين' وللاسف الكويت تقع تحت سيطرة البطانة العليا الفاسدة وهذا هو الخطر الأكبر لأن البطانة العليا الفاسدة هي التي كرست فكرة السلطة المطلقة باستشاراتها وتوجيهاتها معدومة الضمير وتصدت بكل قوة لأي تطور ديمقراطي واستطاعت أن توقف الكويت في وسط طريقها تجاه الديمقراطية بسبب تأثيرها السلبي على اتخاذ القرار.
يجب أن تستقل السلطة عن تأثير وسيطرة البطانة العليا الفاسدة التي عاثت في الأرض فسادا وكأنها تقول للناس 'وما أريكم إلا ما أرى' إن ما تمر به الكويت الآن هو شرع البطانة العليا الفاسدة التي تفصل بكل الطرق إرادة الشعب عن الحياة السياسية وتفصل الجميع عن المبادئ العامة التي تحقق العدل والحرية والكرامة للمواطنين.
أتوجه إلى نواب الإصلاح وإلى أبطال ساحة الإرادة وإلى جميع المواطنين الأحرار بهذا النداء الصادق وهو أن السبب الحقيقي في الفساد وعدم الاستقرار هو البطانة العليا الفاسدة ، وأن جهدنا الحقيقي الذي يمكن أن نقدمه للكويت هو محاولة استقلال القرار من هذه البطانة العليا الفاسدة لأنه مهما حدث من مكاسب للشعب سوف يتم الالتفاف عليها والانقلاب عليها في أوقات لاحقة وما حدث من حل المجلس كان عبرة لنا جميعا، هذا لأن السبب الرئيسي في ذلك هم البطانة الفاسدة التي تثبت وتدعم أعضاءها ومصالحها وتقصي أي فرد أخر وأي إرادة إخرى غير إرادتها وتحميهم، والدليل على ذلك كل من لفظهم الشعب وثبت فسادهم وتورطهم وتم إزالتهم بإرادة الشعبية نراهم يتم احتضانهم وتعيينهم مستشارين لدى الديوان الأميري أعتقد أن الرؤية قد اتضحت.
استقلال الكويت من البطانة العليا الفاسدة هو الهدف الحقيقي الذي يجب أن يسعى إليه الشرفاء والنبلاء والأحرار في هذه الأمة فبدون ذلك سوف يتم الانقلاب على أي إرادة شعبية بل وسوف يتم محاسبة كل رمز شعبي شريف بعد الانقلاب على الإرادة الشعبية.
يجب أن يعلم الجميع أن الخلل في مؤسسات الدولة والخلل في اتخاذ القرارات والخلل في جميع القطاعات ناتج من تأثير البطانة العليا الفاسدة، وأقول لكل من يهتم بتقسيم الدوائر الانتخابية وكل من يهتم بالوصول إلى البرلمان وكل من يطمح لتقلد منصب تنفيذي لا ينبغي أن يكون هذا هدفك في ظل هذه البطانة العليا الفاسدة، التي سوف تجعلك تصل إلى المجلس ثم يتم حله بكل بساطة وتجعلت تيأس من الوصول إلى أي منصب تنفيذي لأنه محتكر لغيرك وتجعلك دمية تحركها في يدها إذا تركت البطانة تعبث بالسلطة وبمؤسسات الدولة وتتحايل على إرادة الشعب.
يجب أن يكون هدفنا القادم هو استئصال البطانة العليا الفاسدة واستقلال السلطة عنها وعن تأثيرها السلبي وهذا الهدف إن تحقق فهو نصر يعادل استقلال الكويت وتحريرها من العدوان الغاشم.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
تويتر meshalmalek@

أفراد خارج دائرة المسائلة مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

أفراد خارج دائرة المساءلة 

المساواة هي التطابق والمماثلة بين الأفراد في الحقوق والواجبات وفق القاعدة القانونية التي تنظم  العلاقات الاجتماعية، وعلى قدر احترام الدولة للقانون وإعلاء مبدأ سيادة القانون تأتي أهمية المساواة، وتصبح ذات مكانة مرموقة والعكس صحيح، ونجد لضرورة توافر المساواة يعتبرها الفقهاء أهم عنصر في بناء الدولة.
وهذا ما أكده «آلبرت فين دايسي» حيث يقول: «كل مسؤول بدءا من رئيس الوزراء وإنتهاء بالشرطي أو جابي الضرائب العادي يتحملون المسؤولية نفسها كأي مواطن آخر لكل عمل يقومون به دون مسوغ قانوني»، أي أن كل عمل يقوم به المسؤول أيا كان دون مسوغ قانوني يعتبر دون مبرر قانوني أو خارج عن إطار القانون فيجب أن يسألك عن ذلك.
ولكن عندما ننظر إلى الواقع الذي نعيشه في دولة  الكويت نجد أن السلطة تكرر نفس الخطأ، وتهدم الكثير من المبادئ العامة الضرورية لبناء الدولة، فتقضي على مبدأ المساواة وتقضي على مبدأ إعلاء سيادة القانون، وهناك الكثير من الأحداث في فترات مختلفة تدل على ذلك.
ان المواطن في دولة الكويت لا يعامل مثل المسؤول، والذي جعلنا نجزم أن المساواة في الحقوق والواجبات ليس لها أي أساس على أرض الواقع، هو تبرئة مسؤولين في قضايا فساد معروفة، وتمييزهم بصلاحيات لا حصر لها ولا عدة، وإبعاد أعضاء السلطة  التنفيذية من أصغر فرد إلى أكبر فرد من أي مسؤولية جنائية أو قضائية، وطبعا هذا التنازل ثمن لاستخدامهم في أغراض سياسية بعيدة عن تحقيق الأمن والجميع يعلم هذه الأغراض، وعلى النقيض تأتي معاملة السلطة للمواطن العادي، حيث نرى إزهاق روح مواطن آمن في وطنه والعجيب أنه في معقل السلطة التنفيذية وهي وزارة الداخلية ووسط جدران مخافرها، ونرى أيضا سحل وإهانة مواطن آخر على الأرض دون مراعاة لأي حق من حقوق المواطنة، وعندما نرصد هذا النوع من الأحداث، نجد أن السلطة تقوم بنفس الأخطاء وتعودنا جميعا منها على الدفاع المستميت العلني والخفي عن أعضائها، والحرص الشديد عليهم وفي المقابل عدم الاهتمام بحقوق المواطن وإضاعة حقه وكرامته وهذا الخطأ تكرره السلطة.
هذه الحوادث لا تدل على حوادث فردية وانتهاكات عابرة، وإنما هي نموذج يتكرر بنفس الأسلوب في فترات مختلفة يوضح لنا المعتقدات الخاطئة التي تؤمن بها السلطة، وهي التمييز وإعلاء مبدأ الغاب على  مبدأ سيادة القانون، وإلا كيف تحافظ السلطة على مبدأ المساواة وإعلاء سيادة القانون، وهناك الكثير من الأفراد الذين ضمتهم المصالح الشخصية الضيقة من أعضاء السلطة وهذا على حساب التنمية وحقوق المواطن، وأيضا وكيف تحافظ السلطة على المساواة في ظل سلوكيات الفساد بين صانعي القرارات وراسمي السياسات ومحتكري موارد الدولة وبطانتهم الفاسدة التي تدخلت في كل شيء في إدارة البلاد والتي لم يستفد منها الشعب شيئا.
إن ما نراه الآن من إهدار السلطة للمبادئ العامة يمثل الآثار الجانبية لأمراض سياسية متراكمة تعاني منها السلطة، مثل تكريس مبدأ السلطة المطلقة واضطهاد الرأي المخالف والاستبداد بالرأي الذي جعلها تضيّع حق مواطن ليس له ذنب إلا أنه عبر عن رأيه كل هذا يدل على أن هذه السلطة تتخذ من الدكتاتورية أسلوب للحكم لذلك وصلنا إلى هذه المرحلة من ضياع حقوق المواطن.
ومع تقلص حقوق المواطنين من ثروات بلادهم ومع ضياع حقوقهم إذا كانوا طرفا في نزاع بينهم وبين أحد المسؤولين، كل هذا يولد مشاعر السخط والغضب الشعبي حيث أن شريحة المهمشين اقتصاديا من موارد البلاد تزداد وكذلك تزداد شريحة المضطهدين فكريا وسياسيا بسبب الممارسات غير الدستورية والمنافية للمبادئ العامة، وكل هذا يدفع الشعب إلى إحداث تغيير إن لم يجد أمامه إلا إحداث التغيير الجذري في منظومة المبادئ غير الشرعية التي تؤمن بها السلطة.
لا يجب أن نتجاهل أبدا السلطة المطلقة التي تعلي فئات على فئات وتميز بين أبناء الوطن الواحد ويضيع فيها حقوق المواطن البسيط لأن هذه الممارسات سوف تعمل على انهيار الدولة، ولا يجب أن نسمح أبدأ بأن يكون هناك أي فرد خارج دائرة المساءلة لأن ذلك مناف لجميع دساتير العالم وجميع الأديان السماوية وجميع المبادئ العامة ويجب أن يعلم الجميع إن إخراج فرد داخل  الدولة خارج دائرة المساءلة هذا معناه السماح بظلم آلاف المواطنين الآخرين.
لا يخفى على أحد توغل السلطة داخل مؤسسات الدولة وسيطرتها سيطرة شبه تامة على جميع المؤسسات حتى سيطرة السلطة التنفيذية على الأدلة الجنائية التي ثبت فشل هذه الطريقة في الكثير من الدول، ومع ذلك نجدها متبعة في الكويت وكان  الأولى أن تكون تابع لهيئة مستقلة، ولكن يجب أن تعلم السلطة أنه في حالة حدوث استمرار لهذا الوضع فإن للشعب الكثير من الطرق التي تجعله يستعيد حقه ويفرض سيطرته ويمارس سلطته وهي السلطة الشرعية والأصيلة وأبسط هذه الطرق هي سحب التعاون.
حيث أن تعاون الشعب مع السلطة هو مصدر قوتها، فتعاون العاملين والموظفين في مؤسسات الدولة مع الإدارات العليا هو ما يجعل الدولة تسير على قدمين وكذلك التعاون في شتى المجالات وأبسط سلاح يمكن أن يستخدمه شعب تجاه أي سلطة تعتقد أنها قادرة على أن تسلبه حريته أو إرادته هو سلاح سحب التعاون الشعبي وهذا حدث في كثير من  دول العالم وفي  الدول العربية، فإن مع التطور التكنولوجي الذي حدث في العالم عرف الشعب كيف يتصرف فيما يتعلق بالقضايا الهامة حتى في حالة انقطاع الاتصال فهناك آلاف الطرق البديلة التي تجعل الشعب يفرض السلطة الشرعية وتجعله قادرا أن يجعل جميع المبادئ غير الشرعية تتلاشى وتفنى أمام إصراره وعزمه.
لقد أثبتت الشعوب المختلفة في شتى أنحاء العالم إنها لديها الآلية المناسبة لمواجهة أصعب أنواع القمع والاستبداد والأنظمة السلطوية، فأطلب من كل فرد مسؤول داخل الدولة  ألا يعلي نفسه فوق القانون أو يميز بين أبناء الوطن الواحد وأن يعيد حساباته ألف مرة إذا فكر أن يضيّع حق مواطن، وأرجو من السلطة داخل  دولة الكويت أن تنأى بنفسها عن ارتكاب نفس الأخطاء بنفس الأسلوب وبنفس النوايا غير الحسنة وإلا سوف لا نجد دولة وسوف تنهار السلطة.
الشيخ/ مشعل مالك محمد الصباح
تويتر meshalmalek@