السبت، 23 يونيو 2012

كلمة حق أريد بها باطل مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

إن ما حدث من تطورات على الساحة السياسية في دولة الكويت وكان أخرها حكم المحكمة الدستورية بإبطال عملية انتخابات مجلس الأمة 2012 برمتها وبعدم صحة عضوية من فاز فيها لبطلان حل مجلس الأمة 2009 وبطلان دعوى الناخبين لانتخاب مجلس جديد، وكانت الجزئية المدهشة والغير متوقعة من الحكم والتي لا تخطر على بال، وهي أن يستعيد الحكم المجلس المنحل دستوريته بقوة الدستور كأن الحل لم يكن.
في حقيقة الأمر هذا الحكم سوف يجعلنا نعيد النظر كثيرا في جميع الأحداث الماضية والطريقة التي أديرت بها البلاد في هذه الفترة، ويجعلنا أيضا نطيل النظر فيما سوف يترتب على هذا الحكم من الأثار والنتائج التي سوف تستدرج البلاد إلى منعطف غير مسبوق وللأسف باسم القضاء.
وقبل تكوين أي استنتاج أود أن أنوه لعدة نقاط تساعدنا في رؤية المشهد كاملا:
أولا: يجب أن نعلم جيدا أن المحكمة الدستورية من أهم محاكم الجهاز القضائي، ولها دورها الرقابي على دستورية القوانين واللوائح، وهي الحارس الأمين على مبدأ سمو الدستور الذي يقتضي إخضاع جميع التشريعات التنفيذية إلى الرقابة الدستورية، والقضاء الدستوري يتناول قضايا عامة ومجردة، فلا يخوض في تفاصيل الخصومة كما هو الحال في القضاء العادي. ولكن يجب أن نعلم جيدا أيضا أن من أهم مبادئ الفصل بين السلطات الثلاث، أنه لا يجوز استئثار أي سلطة من السلطات الثلاث (التنفيذية ، التشريعية ، القضائية) بصلاحيات مطلقة في تنفيذها للمهام الموكلة لها، بمعنى أن يكون هناك ضمانا لاستبعاد أي فرصة للاحتكار المطلق للسلطة حتى لا يتم الاستبداد باستخدام السلطة.
ومن أهم المبادئ للفصل بين السلطات، أنه لا بد من وجود رقابة متبادلة وفعالة بين السلطات الثلاث، بحيث تمارس كل منها صلاحياتها تحت رقابة السلطات الأخرى، ولضمان التزام كل سلطة بحدودها.
إذن الرقابة المتبادلة بين السلطات من صميم الفصل بين السلطات وما رأيناه من حكم المحكمة الدستورية يمثل نوع من أنواع الاستبداد السلطوي ولا يفهم أحد من كلامي أني أشكك في القضاء، فأحكام القضاء أمر واقع ولكن أيضا التوازن بين السلطات مطلوب، والرقابة المتبادلة بين السلطات مطلوبة، وكيف يحدث التوازن والرقابة تمارس من طرف واحد لديه سلطة شبه مطلقة، إن هذا يعتبر خلل في المنظمة السياسية الكويتية، ويجب أن يتم تدارك هذا الخلل الذي يسمح لسلطة أن تستبد باسم القانون.
ولأن الفصل المقصود بين السلطات هو الفصل المتوازن في توزيع الصلاحيات والمسؤوليات، مع قيام قدر من التعاون فيما بينها لتنفيذ وظائفها في توافق وانسجام وليس في تضارب واستخدام الصلاحيات بشكل متضارب يثير الشك والريبة وفي توقيت يدل على أنها أحكام سياسية وليست قضائية بحته، هذه نقطة مهمة جدا يجب أن نأخذها في الاعتبار قبل الشروع في تفسير هذا الحكم.
ثانيا: طبيعة العلاقة السائدة بين السلطات الثلاث في النظام السياسي الكويتي اتضحت جلية وكشفها هذا الحكم حيث أنه يوجد العلاقة علاقة خطيرة مبنية على التمييز بين السلطات الثلاث في النظام السياسي الكويتي، فنجد مثلا أن السبب الأول الذي بني عليه حكم المحكمة الدستورية يشوبه التمييز في تطبيق القانون والتنازل عن مبدأ المساواة في الرقابة على جميع السلطات.
حيث أن المحكمة بنت حكمها على سبب يظهر تناقضها في الأصل، لأنه كان أولى بها أن تحكم أيضا بعدم دستورية التشكيل الوزاري الجديد هؤلاء الوزراء الذين هم أنفسهم يعتبرون مستقيلين بنص الدستور لأن رئيس الوزراء السابق قدم استقالته وذلك يتضمن استقالة جميع الوزراء الذين تم الاستعانة بهم في الوزارة الجديدة.
وهذا يوضح أن المحكمة أخذت بإجراءات شكلية بعيدة عن جوهر القانون المبني على إقامة العدل وبعيد عن إرادة الشعب الذي هو صاحب السلطة الأصيل ويمكن أن يمارس جميع الصلاحيات في إطار شرعي.
لأننا لو افترضنا أن كل مطالبة شعبية تمثل أغلبية الشعب تطالب باستقالة حكومة لفسادها وبعد استقالتها يتم الاستعانة بها مرة أخرى في تكوين الحكومة الجديدة فما قيمة الإرادة الشعبية وما قيمة المطالبة بالإطاحة بالفاسدين.
المحكمة ركزت على شكل الإجراءات التي تمت بها الإرادة الشعبية ولكنها تناست جوهر القانون وجوهر المطالب لأن الوزارة الجديدة الحالية هي تقريبا معظم الوزارة السابقة وهذا منافي للدستور ولإرادة الشعب.
ولكن المحكمة نفذت الغرض الحقيقي من الحكم وهو التمهيد للإطاحة بالمجلس الجديد دون تحقيق مراقبة حقيقية على السلطة التنفيذية التي أخطأت في إجراءاتها الشكلية، والتي تعتبر غير دستورية وهذا يدل على الاستبداد بالسلطة والتمييز في التعامل مع السلطات الأخرى من قبل السلطة القضائية، حيث كان الهدف من الحكم ليس مراقبة دستورية القوانين واللوائح والقرارات على السلطات الأخرى وهذا هو عملها الأصيل بل كان الهدف حل المجلس الجديد تمهيدا لعودة المجلس القديم.
طبعا هذه نقطة في غاية الخطورة ويجب أن يعيها الشعب الكويتي جيدا ويجب أن يكون هناك رقابة حقيقية على جميع السلطات لبعضها البعض وهذا غائب عن النظام السياسي الكويتي لذلك وجدنا هذا الخلل في التعامل بين السلطات، والسؤال هنا  كيف يكون السبب في بطلان الانتخابات ناتج عن عدم دستورية الوزارة وتظل الوزارة كما هي هل هذا يدل على الرقابة التي تمارسها السلطة القضائية على طرف واحد فقط، بل تعدت المحكمة أكثر من ذلك حيث أقرت عودة المجلس السابق بقوة الدستور الوقت الذي تركت فيه وزارة لم تستقيل باستقالة رئيس الوزراء وبقرار غير دستوري.
ثالثا: يجب أن ننظر لهذا الحكم في سياق عام، ولماذا في سياق عام لأن ما مرت به الكويت في الفترة السابقة شيء غير مسبوق في تاريخ الكويتي ويعتبر حالة استثنائية، فهل يعقل ان تكون هناك احتجاجات شعبية وإرادة شعبية جارفة انطلقت بمطالب مشروعة وعبرت عن رأيها بطرق مشروعة وتم الاستجابة إلى مطالبها ثم يتم الالتفاف بمجموعة من الإجراءات المضادة التي كان آخرها حكم قضائي.
كيف يتم الالتفاف على إرادة الشعب وبطريقة ضرب السلطة التشريعية في السلطة القضائية بعدما قال الشعب الكويتي كلمته، لا يوجد هناك أدنى شك على ان الحركة الإصلاحية الكويتية والإرادة الشعبية كانت إرادة صادقة ونابعة من شعب حر بمطالب مشروعة فكيف يتم انهيار هذه المطالب في هذا التوقيت.
لماذا لم تأخذ المحكمة الدستورية بالاستثناءات التي طرأت على الساحة الكويتية لقد قدم رئيس الوزراء السابق استقالته بناء على ضغط شعبي وهذا هو الاستثناء ضغط شعبي وطلب شعبي والشعب هو مصدر الشرعية ولم يقدم استقالته بناء على رغبته الخاصة.
ولا يجب أن ننسى أن مجلس الأمة الحالي يعتبر أكثر مجلس يعبر عن إرادة الشعب لأنه تزامن مع إرادة شعبية جارفة مطالبة بتحقيق الإصلاح وحرص تام على الاختيار المناسب لذلك رأينا اكتساح المعارضة وحصولهم على الأغلبية البرلمانية.
رابعا: أن جميع السلطات متساوية وجميعها تستمد قوتها من الدستور وبما أن السلطة التشريعية وهي البرلمان موجود بالانتخاب المباشر الحر لذلك هو يعتبر اقوى السلطات في دولة الكويت لأنه يعتمد على إرادة الشعب والشعب هو من يضع الدستور وهو من يغير الدستور إذا شاء واجتمعت إرادته على ذلك، ولكن كيف تضع المحكمة الدستورية مجلس الأمة تحت رحمة أخطاء السلطة التنفيذية التي هي تعتبر أقل منه لأنها معينة والمجلس منتخب.
لا يمكن أن نضع مجلس الأمة وهو المنتخب مباشرة من الشعب والمعبر الوحيد عن إرادته في دولة الكويت رهن خطأ السلطة التنفيذية الشكلي وتحت رقابة السلطة القضائية التي تستخدم صلاحياتها بطريقة خطا وتستخدم السلطة استخدام مفرض يؤدي إلى الاستبداد بالسلطة.
هل هذا توازن بين السلطات هل هذا تكامل بين السلطات وهل هذا فصل بين السلطات.
خامسا: هناك نوع جديد من الانقلاب على إرادة الشعب وهو استخدام القضاء استخدام سياسي وقد حدث ذلك مؤخرا في مصر فبعد أن شرع مجلس الشعب المصري الكثير من القوانين التي لا تتناسب مع القائمين على إدارة شئون البلاد في هذا الوقت استغلت هذه الإدارة القضاء لضرب السلطة التشريعية في مقتل وهذا ما حدث في الكويت بالفعل حيث أن هذا الحكم في هذا التوقيت لا يدل على أي نوع من الرقابة بل يدل على كارثة وأزمات لا حصر لها ولا عدة.
سادسا: لا ينبغي أن نصاب بالإحباط من جراء هذه الأحكام بالعكس هذه الأخطاء الواضحة والفجة من قبل السلطة تعطيني الأمل لأن الشعب عندما يكتشف الأخطاء الحقيقية يستطيع حلها بشكل جذري وحقيقي والفائدة مما حدث هي أن نأخذ بعين الاعتبار هذه الاخطاء في عملية الإصلاح القادمة وأن نجعلها من أولويات اهتمامنا وهذا يتطلب مننا أن نجري التعديلات الحقيقية التي تجنبا حدوث مثل ذلك مستقبلا.
وأنا أتذكر أني تكلمت كثيرا عن الخطأ الذي وقعت فيه الحركة الإصلاحية وهي قبولها حكومة جديدة من رحم الحكومة الفاسدة ولقد تبين الأمر أخيرا لقد وجدت هذه الحكومة من رحم أخرى حتى يتم الإطاحة بإرادة الشعب ويتم الالتفاف على مطالبة ويتم حل المجلس والأن قد تبين لنا جميع الاخطاء التي يمكن أن نتجنبها وأن نتفادى جميع السلبيات والمخرج الوحيد أمامنا الآن هو الحكومة المنتخبة.
سابعا: ما هو الحل الجذري لهذه الأزمة، إن اعتماد المجتمع الكويتي على البرلمان فقط لن يتيح لنا نظام ديمقراطي متوازن وخصوصا في ظل هذه الملابسات فيجب أن يكون هناك اختيار للإرادة السياسية للشعب وأن يكون الشعب هو من يختار حكومته وهو من يختار نوابه فجميعنا علمنا نتيجة اعتمادنا التام على البرلمان الذي يسهل حله في لحظة.
فيجب أن يلتف الجميع مرة أخرى من أجل تحقيق مبادئ المبادئ العامة التي نادينا بها من قبل ومن أجل تحقيق الإصلاح.
مشعل مالك محمد الصباح
تويتر mesahmalek@
رابط المقال على جريدة الآن الإلكترونية  

انقلاب على المبادئ العامة مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

في ظل التطورات الإقليمية والعالمية الحالية لا يمكن أن نعتبر جميع الأنظمة في العالم تحافظ على المبادئ العامة، وإذا افترضنا ذلك فإننا نكون معزولين عن الواقع، فهناك الكثير من الوقائع التي سجلها التاريخ ولا يمكن لأحد أن يمحوها توضح دفاع أنظمة عن مبادئ غير شرعية، ولكن المجتمعات الذكية هي التي تستعد لمواجهة أي نوع من الانقلاب على المبادئ العامة، وذلك من خلال التحضير الجيد لمواجة الفاسدين، لأن التحضير يؤدي إلى الوقاية والوقاية خير من العلاج.
فجميع دساتير العالم تعتمد على المبادئ العامة التي توفر للإنسان المحيط الصحي من العدل والمساواة والحرية والحفاظ على الحقوق والالتزام بالواجبات، وكذلك الدستور يحدد شكل الدولة ونوع نظام الحكم وشكل الحكومة، وينظم السلطات العامة في الدولة، وكل هذا من دافع الحفاظ على المبادئ العامة لأنها هي الضمانة الحقيقية للاستقرار والتقدم والازدهار.
وللاسف الشديد سياسة الانقلاب على أي نوع من الإصلاح والانقلاب على المبادئ العامة سياسة متأصلة في السلطة الكويتية، حيث دائما تحاول السلطة احتواء أي نوع من التحركات الإصلاحية المعبرة عن إرادة الشعب من خلال إيجاد غطاء شرعي يبرر قرارها السياسي أمام الناس، وهذا إن كان قد حدث مؤخرا مع الحركة الإصلاحية الأخيرة إلا أنه يعبر عن سياسية معينة في التعامل مع الإرادة الشعبية، حيث تم تفريغ الحركة الإصلاحية من مضمونها، بتبرئة المتورطين في قضايا الفساد وتحجيم دور هذه الحركة، من خلال الإعلام واستخدام النفوذ المفرط للدولة مما حول هذه الحركة لمجرد كتلة برلمانية لا غير، تسعى لإيجاد أزمات وإيجاد مشاكل أكثر مما تسعى إلى إيجاد حلول وبدائل، وتتناسى السلطة الدعم الشعبي لهذه الكتلة التي جعلتها حركة تفرض رأي سياسي بل هو الأقوى من نوعه في تاريخ الكويت.
إن عدم تمكين قوى الإصلاح ومعاونة الفاسدين بإخفاء الأدلة أو باختراق المؤسسات أو بالتحايل على القانون ما هو إلا نوع من الانقلاب على المبادئ العامة التي يجب أن يتداركها الشعب قبل فوات الآوان، وأن يحضر لها آليات ونوع متقدم من التعامل قبل أن يضيع الجميع.
وأيضا إلى الآن لا تقر السلطة بأن الشرعية الحقيقية هي شرعية الشعب، ويظهر ذلك من عدم قبولها لكثير من التطلعات الشعبية وعدم قبولها للرأي العام والحركات الإصلاحية، وقبل كل ذلك عدم قبولها للنموذج الصحيح لتعبير الشعب عن نفسه، فنجد السلطة إلى الآن تتبع نظم انتخابية قديمة لا توفر الديمقراطية الحقيقية، ولا توفر للشعب اختيار إرادته السياسية وحكومته وفي نفس الوقت تكرس لمبدأ السلطة المطلقة الذي يفسد أي دولة مهما كان صلاحها، كل هذا من قبيل الانقلاب على المبادئ العامة التي يقرها الدستور وتقرها الأديان ويقرها الناس جميعا على اختلاف ألوانهم وأقطارهم.
كذلك التمييز الصارخ الذي تمارسه السلطة تجاه المواطنين، حيث لا يمكن بأي حال من الاحوال أن تقوم السلطة بمحاسبة أعضائها أيا كان نوع الجرم الذي ارتكبوه، وهذا يقودنا جميعا إلى التقرير بأن مبدأ الفصل بين السلطات غير موجود وتحيطه الشبهات وهناك اختراق واضح لمؤسسات الدولة، وهذا بلا خلاف يعتبر نوع من الانقلاب على المبادئ العامة التي تؤصل وتأكد على المساواة وتحقيق العدالة.
وأخيرا وليس أخرا غض السلطة الطرف عن أعضائها الفاسدين والبطانة الفاسدة داخل مؤسسات الدولة وفي الديوان الأميري وديوان ولي العهد والسماح لهم بالتدخل في مؤسسات الدولة يؤكد على انيهار مبدأ المساءلة وانعدام مبدأ المساواة، وهذا يمثل انقلاب على المبادئ العامة الذي تباركه السلطة لأنها هي في الأصل انقلبت على نفس المبادئ.
إن هذا النوع من الإنقلاب الصارخ على المبادئ العامة التي تقوم به السلطة، يمثل أكبر خطورة على دولة الكويت ويهدد أمنها واستقرارا أكثر من التحديات الخارجية، ويجب أن يكون هناك تحضير شعبي واعي ومنظم لمواجهة هذه التحديات الداخلية التي مارستها السلطة لفترة كبير من الزمان.
لأن المبادئ العامة هي الأسس الحقيقية التي لا تستقر دولة بدونها لذلك لا ينبغي التخلي عنها مهما قدمت السلطة من مبررات ومهما حاولت بكل أجهزتها وبكل مؤسساتها أن تفرض نوع من التمييز أو نوع من الحماية للفاسدين، لأن المبادئ العامة نابعة من الشعب وتستند إلى شرعية الشعب، وأي مبررات أخرى تقوم بها السلطة نابع من أهواء وخيال المسئولين، ولا يمكن أن تتصدى الأهواء والخيال إلى إرادة الشعب صاحب السلطة الأصيل والمدافع عن المبادئ العامة.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
تويتر meshalmalek@
رابط المقال على جريدة الآن الإلكترونية

الأحد، 17 يونيو 2012

عدالة الصفوة مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

العدالة هي القاعدة الاجتماعية الأساسية لإستمرار المجتمعات والمحور الأساسي في الأخلاق وفي الحقوق وفي الأفكار الإجتماعية، والعدالة الاجتماعية مثلا هي النظام العادل الذي يهدف إلى إزالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع بحيث تسود فيه العدالة في كافة الجوانب بشكل عام، وإذا كانت هناك عدالة في جميع جوانب الدولة ومناحيها فيجب أن يكون التعبير عن إرادة الشعب السياسية وفق نظام سهل وغير معقد فلا يكون مفروض من قيادة معينة أو من جهة حكومية واحدة بحيث تقيد حرية اختيار المواطنين.
ولكننا نجد أن التعبير عن الإرادة الشعبية بعيد كل البعد عن العدالة والمساواة، لأن الإرادة السياسية تسير بطريقة لا تعتمد على الإرادة الشعبية في اختيار الحكومة، فشخصية رئيس الوزراء لا يتم اختياره من مجلس الأمة المنتخب من قبل الشعب، وفي نفس الوقت لا يتم اختياره من حزب حصل على الأغلبية من قبل الشعب وذلك لأن السلطة في الكويت لا توافق على اعتماد نظام الأحزاب ومن هنا تظهر إشكالية خطيرة وهي سيطرة الصفوة داخل الدولة على اتخاذ القرار وفرض الإرادة السياسية على الشعب وعدم السماح بأي تطورات حقيقية نحو الديمقراطية لأنهم يعتقدون أن هذه التطورات الديمقراطية سوف تسحب البساط من تحت أقدامهم.
إن الصفوة المسيطرة في الدولة ملزمة شرعا وقانونا بتحقيق العدالة ويجب أن تسمح للناس اختيارهم وفق قواعد العدل والمساواة والكفاءة والصفوة ملزمة أيضا بالحفاظ على حقوق الناس، وليس من حقها التصرف بشئون الناس منفردة بعيد عن رضاهم وتأييدهم، وهذه الإشكالية الحقيقية المعقدة التي نعيشها على أرض الواقع فالسلطة الكويتية تنادي كثيرا بتحقيق الديمقراطية وتتغنى بتحقيق العدل والمساواة ولكن كل هذا حديث فقط وشعارات فقط دون تطبيق أو تنفيذ وهذا يدل على تخلي السلطة الكويتية عن مفاهيم الحق والعدل والمساواة لإقامة الدولة واستمرارها، وهذه المفاهيم هي المرتكزات الأساسية لأي حكم ولأي دولة ولأي دستور.
وهذا التناقض الشديد الذي يظهر ما بين أقوال وأفعال الصفوة في الدولة يدل على مدى اعتقادهم أن القوة والمال هما الوسيلة الحقيقية لاستمرار الدولة ولاستمرار نفوذهم وامتيازاتهم، نعم للأسف الشديد هذا هو تفكير الصفوة في الكويت الذين سمحوا للفساد ينتشر بسبب تخليهم عن المبادئ الحقيقية التي تقام عليها الدولة وسمحوا للبطانة الفاسدة وأصحاب المصالح الشخصية العبث بشئوون الناس دون تدخل من السلطة، وأتمنى أن تجيب الصفوة على هذا التساؤلات وهي:
 لماذا لا نرى لأهل الكفاءة والمقدرة دور في دولة الكويت؟ ولماذا لم يراعى العدل والمساواة فيمن يتم اختيارهم لإدارة شئون الناس داخل مؤسسات الدولة؟ ولماذا لا يتم التعبير عن إرادة الشعب وفق العدل والمساواة وإعطاء الشعب الحق الكامل في اختيار إرادته السياسية؟ لماذا هناك ضبابية على مبدأ المحاسبة وترك المخطئين في حق الشعب؟.
ومن الأعراض الخطيرة لهذه الإشكالية التي ظهرت جليا هي دفاع الصفوة عن أنفسهم وحماية رموزهم من المحاسبة وهناك الكثير من الحوادث في الفترة القصيرة الماضية تدل على ذلك، وتدل على أن السلطة في الكويت تعتمد على صفوة القوة باستخدام الأمن في أغراض سياسية والمال بإحداث خلل اقتصادي بين طبقات المجتمع وهذا التحالف أصبح واضح حيث تعتمد عليه السلطة في تقوية نفوذها وإحكام سيطرتها، لذلك رأينا الدفاع عن تورطهم في قضايا فساد أو ما شابه ذلك.
وسوف تستمر هذه الإشكالية وسوف تزداد تعقيدا وتشابكا إذا استمر الفكر الحالي للصفوة التي لا تأخذ في الاعتبار الإرادة الشعبية وتعتمد على خيارات أخرى بديلة غير شرعية ولا تحقق الصالح العام.
يبقى أن أنذكر الجميع أن الخطوة الحقيقية للإصلاح وتحقيق الصالح العام هي إرساء مبدأ المساواة والعدل وتفعيل ذلك على أرض الواقع من خلال إعطاء الشعب الحرية التامة في اختيار إرادته السياسية وهذا ما يدفعنا لتبني مبدأ إشهار الأحزاب وتعدد الأحزاب النابعة من المجتمع وفق القوانين والأسس الصحيحة التي تكفل للكويت تطور أفضل نحو الديمقراطية وتحقق لها خطوة واثقة نحو التنمية والتقدم والرقي والازدهار.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
تويتر meshalmalek@
رابط المقال على جريدة الآن

الجمعة، 8 يونيو 2012

حقيقة الصراع الداخلي مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

هذه هي حقيقة الصراع الداخلي من المعروف أن النظام الديمقراطي هو أكثر الأنظمة نجاحا وتقدما في جميع أنحاء العالم والدليل على ذلك الديمقراطية الغربية في أوروبا، وكذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، ولما كانت الديمقراطية هي حكم الشعب لنفسه، وإن الديمقراطية الغربية وهي الديمقراطية الليبرالية الأفضل، والتي تؤكد حكم الأكثرية مع الحفاظ على الأقليات والأفراد، كان يجب علينا أن نوضح ما هي العلاقة بين النظام القائم بالكويت، والنظام الديمقراطي الغربي الذي يعتبر النموذج الأفضل بين أنظمة الحكم العالمية.
إن أي حكم في العالم لا يكون له أي مشروعية سياسية، إلا إذا كان هناك تأييد شعبي يقر بقاءه في السلطة، وفي إدارة شئون البلاد، ودون ذلك لا يعد إلا نوعا من الحرب الأهلية التي تمارسها الحكومة على الشعب، والتي يجب التصدي لها بشتى طرق المقاومة الشعبية، حتى يتمكن الشعب من اختيار إرادة سياسية تعبر عنه، وجميع النماذج الديمقراطية المتقدمة عالميا تعتمد على مبادئ أساسية معينة لحكم الأكثرية، ومن أهمها مبدأ تداول السلطة، ولأن هذا المبدأ غائب عن الكويت فإننا لا نستطيع أن نصف الكويت بأنها دولة ديمقراطية، إلا إذا كان هناك تداول للسلطة، لأن هذا المبدأ راسخ في نظام الحكم الديمقراطي.
وإذا نظرنا مثلا إلى جميع الأنظمة الديمقراطية الحقيقية، سواء كانت ممالك مثل بريطانيا أو دولة مؤسسات مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو جمهورية مثل فرنسا، ومعظم دول أوروبا أو إسلامية غير عربية مثل ماليزيا وتركيا أو غير إسلامية كمعظم الدولة الغربية، حتى إذا نظرنا إلى نظام الإمارة في العالم مثل إمارة (أندورا) في أوروبا وإلى الدول الصغيرة مثل إسرائيل إذا فرضنا جدلا أنها دولة، نجد أن هذه الأنظمة السياسية جميعا تعتمد نظام تداول السلطة ولا فرق بين دولة ملكية أو جمهورية أو إمارة أو غير ذلك، لأن مبدأ تداول السلطة لا يتنافى مع شكل نظام الحكم، فجميع الدول السابقة تعتمد على نظام تعدد الأحزاب في تداول السلطة، وهذه هي الصورة الطبيعية البديهية في الأنظمة العالمية المتقدمة.
وعندما نتحدث عن الأحزاب ومبدأ تداول السلطة لا يذكر لي أحد نماذج من الشعوب العربية ويترك النماذج الناجحة، ولا يغض الطرف أيضا عن عاقبة الأحزاب العربية التي لا تعتبر أحزاب حقيقية من الأساس، بل هي كانت عصابات سيطرت على السلطة وكانت عاقبتها معروفة للجميع.
إن الكويت بحاجة إلى أن تكون إرادتها السياسية منتخبة ويقرها الشعب، فلا مكان للسلطة المطلقة والتحايل على إرادة الشعب إذا كنا نريد حقا نظام ديمقراطي حقيقي ونريد أن نعلي من شأن الكويت ونريد أن تكون الكويت هي الرائدة في الخليج العربي كما كانت، فلابد من هذه الخطوة على طريق الديمقراطية وهي وجود حكومة منتخبة تأتي من انتخاب حر ونزيه مختاره من حزب الأغلبية الذي يكونه ويختاره الشعب.
ولكن ما يحدث في الكويت الآن مخالف لجميع النظم الديمقراطية العالمية المعاصرة والمتقدمة والحرة، ولا يأخذ في الاعتبار التغيرات العربية مثل حدوث استفتاء شعبي حقيقي على رئيس تونس ووجود انتخابات هي الأولى من نوعها في مصر، وما يحدث في الكويت من اختيار رئيس الوزراء بعيد عن الإرادة الشعبية ويعتبر سلطة مطلقة ولا يعبر عن الإرادة السياسية للشعب، ولا يقول أحد دور المجلس لأن المجلس نفسه لا يستطيع تشكيل حكومة كاملة، ولا يستطيع القيام بصلاحياته كاملة، لأنه معرض للحل في أي وقت، إذن ليس هناك بديلا أمامنا إلا وجود نظام تعدد الأحزاب المبنية على أساس وطني وقانوني صحيح، بعيدة عن التعصب القبلي والعرقي والديني، وهذا يمكن تحقيقه في شعب مثل شعب الكويت يمثل نسيجا واحدا.
إن اعتماد نظام تعدد الأحزاب يؤكد مبدأ تداول السلطة في الكويت ويحدد لنا النظام السياسي الصحيح الذي تسير عليه البلاد، بحيث يعطي للشعب الحرية في اختيار السياسات التي تسير عليها البلاد بشكل مباشر من خلال أحزابه التي تعبر عنه، وبالتالي تكون شخصية رئيس الوزراء تعبر عن إرادة الشعب ولا تكون مثل الآن والسابق هي الشخصية المثيرة للجدل وهي أساس الصراع السياسي وهي سر تأخر الكويت، لذلك لابد من وجود أحزاب من رحم الشعب ويتولى حزب الأغلبية الشعبية تشكيل الحكومة ويكون بالانتخاب الحر النزيه، وهذا ما يجعل هناك تناسق وتوازن يتيح الاستقرار ويحقق مطالب الشعب، وذلك لأن الكويت في ظل نظام الحكم السياسي الحالي لا تعتبر إمارة دستورية أو حتى نصف دستورية لأنها تركز جميع السلطات بشكل مطلق بعيدا عن إرادة الشعب، وينكمش أمام هذا النظام الحالي دور الشعب، ولا مجال أمامنا في رجوع دور الشعب الحقيقي إلا من خلال اعتماد نظام الأحزاب والسماح بتعدد الأحزاب، وأن يكون نظام الحكم أكثر ديمقراطية ليستمر ويدعم الاستقرار، وكذلك ليختفي دور البطانة الفاسدة البارز في السيطرة على القرار، التي تقف أمام الشعب وتتحدى الشعب وتهمش إرادته السياسية، فمعظم أفراد الحكومات السابقين الذين تم الإطاحة بهم عن طريق الإرادة الشعبية بالاحتجاجات أو عن طريق الإطاحة بهم من خلال الاستجوابات عبر المجلس، سواء كان رئيس وزراء أو وزراء، يتم احتضانهم ومكافأتهم من قبل الديوان الأميري، ويتم إعلاء شأنهم على حساب الإرادة السياسية للشعب، ولا يخفى على أحد سيطرة البطانة الفاسدة على جزء كبير من صناعة القرار، وهذا ما يعكسه الواقع، حيث التصدي لإرادة الشعب وتأخر جميع القطاعات وتدني في الخدمات وتأخر دور دولة الكويت بين دول مجلس التعاون.
إن خطوة الأحزاب هي الملاذ الآمن للكويت لإحداث الإصلاح والتطوير، وللقضاء على الصراعات والفتن، ولفرض الإرادة الشعبية السياسية الحقيقية وهي خطوة للريادة خليجيا وعربيا.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
  تويتر meshalmalek@
رابط المقال على جريدة الآن الإلكترونية

اختطاف القرار مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

تخاذ القرارات الصحيحة والمناسبة من قبل السلطة، هو الذي يكسب السلطة احترامها وهيبتها أمام الشعب وهو الذي يحكم على أي مشكلة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية بالاستمرار أو الانتهاء، ومع تطور الأنظمة العالمية المعاصرة في إدارة شئون البلاد بدأت أدوات دعم اتخاذ القرار تتطور أيضا وتسير جنبا إلى جنب لجميع الديمقراطيات المعاصرة في العالم.
ولعل التطور المتسارع في أدوات دعم اتخاذ القرار وتنوعها يؤكد للجميع الدور الهام الذي تحتله هذه الأدوات، ولأن استطلاع الرأي العام أحد أهم أدوات دعم القرار في النظم الديمقراطية المعاصرة نجد أنه أصبح ضرورة حتمية في اتخاذ القرار بشكل صحيح، حيث يمثل النمط الانتخابي في اتخاذ القرار، الذي يلجأ فيه صانع القرار الى الانتخاب دائما، ويعتمد على أراء الناس في اتخاذ القرار، وللتعرف على الرأي العام أكثر نجد (بسمارك) يعرفه على أنه :'هو ذلك التيار اليومي الذي يغلب صوته على صوت الآخرين في الصحافة وجلسات البرلمان، ويتكون هذا الرأي بحق من باطن حياة الشعب، حيث ترفده عناصر سياسية ودينية واجتماعية'.
ولكن في ظل الحلول الترقيعية التي شاهدناها ونشاهدها من متخذي القرار في السلطة، يتضح لنا أن السلطة لا تقيم وزن للرأي العام، ويعكس ذلك تخبط السلطة الواضح في اتخاذ القرار، حيث أنه لا يبنى على أسس علمية صحيحة، وذلك لأنه لا يستمد من استطلاع آراء الناس ولا حتى بناء على دراسة تحليلية عميقة وهذا الذي يجعلنا نجزم بأن اتخاذ القرار مختطف من قبل البطانة الفاسدة في جميع مؤسسات الدولة بما فيها الديوان الأميري وديوان سمو ولي العهد من أصحاب المصالح الشخصية ويدل على ذلك عدة مواقف مضطربة من السلطة توضح قرارات مضطربة ومختطفة.
بداية يتضح منذ استقالة الحكومة قبل حل مجلس الأمة من مدى الحجم الهائل من التساؤلات المثيرة للجدل وإن كانت تساؤلات مشروعة حول حق حكومة مستقيلة في الموافقة على طلب بحل مجلس.
ثانيا: تطور الأمر إلى أكثر من ذلك فرأينا الحلول الترقيعية من قبل السلطة تجاه مطالبة الشعب  بالإصلاح حيث تم تشكيل الحكومة الجديدة من نفس أعضاء الحكومة التي أطاح بها الشعب وهذا فيه إقصاء تام للرأي العام الذي كان يسود هذه المرحلة وهو إيمان الشعب بعدم كفاءة ونزاهة هذه الحكومة بأكملها وهذا يدل على أن استطلاع الرأي العام غائب عن متخذي القرار ويدل أيضا على وجود نفوذ للبطانة الفاسدة مختطفة للقرار.
ثالثا: مسألة المحاسبة الهزلية التي رأيناها أثبتت أن السلطة ليست جادة في تحقيق مبدأ العدالة والمساواة حيث تم استثناء المحاسبة على الجرائم السياسية وإلصاق تهم سطحية تمهيدا للتبرئة النهائية وهذا أيضا يدل على مدى توغل البطانة الفاسدة في جميع مؤسسات الدولة واختطافها القرار.
رابعا: التعامل مع مشاكل إضرابات الموظفين مثلا فقد تم استجابة السلطة بزيادة غير مدروسة على رواتب الموظفين ودون تحقيق التنمية الحقيقية التي تكفي هذه الزيادة. بل أصبحت عبء على ميزانية الدولة التي ينفق أزيد من ثلثها على رواتب الموظفين ولا يوجد هناك أي خطط للتنمية وهذا التخبط يدل على اختطاف للقرار من قبل البطانة الفاسدة.
خامسا: الوقوف أمام التطور الديمقراطي من قبل السلطة، لعدم السماح بوجود حكومة منتخبة تعبر عن الشعب، وتعطي الشعب الحق في محاسبة أي مسئول أوكلوا إليه السلطة، وتمسك المسئولين بالسلطة المطلقة كل ذلك يدل على أن اتخاذ القرار مختطف من قبل البطانة الفاسدة.
سادسا: الصلاحيات والممارسات التي تمارسها شئون الأسرة داخل الديوان على المعارضين السياسيين من الأسرة تعتبر ممارسات غير دستورية وغير قانونية تحتوي على تهديدات بهدف تكميم أفواه الأحرار من أبناء الشعب الكويتي سواء من الأسرة أو من خارجها من الذين يعبرون عن وجهة نظرهم تجاه قضايا وطنية أو يبدون رأيهم في الأداء السياسي والمؤسسي للبلاد بشكل عام، للعلم أنه لا ينبغي أن تكون هناك أي صلاحيات تقف أمام حرية التعبير عن الرأي أيا كان، وإذا نظرنا لمثل هذه الممارسات نجد حقا أن القرار مختطف من قبل البطانة الفاسدة.
وأخيرا: الاستدارة الماكرة من قبل السلطة على مطالب الشعب حيث جاءت الاستجابة لعملية الإصلاح مزيفة تسمح للوكلاء والمديرين الفاسدين في جميع الوزارات كما هم دون هيكلة أو تغيير مع التأكد من عدم كفاءتهم وتواطؤهم في الفساد، وكل ذلك يدل أيضا على أن اتخاذ القرار مختطف من قبل البطانة الفاسدة أصحاب المصالح الشخصية.
إن الشعب الكويتي لا يجب أن يعود في منتصف الطريق، وإن عملية الإصلاح من أولويات الشعب الكويتي، ويجب أن يعلم الجميع أن البطانة الفاسدة هي العقبة الكبرى أمام عملية الإصلاح وأمام الديمقراطية وأمام المصلحة العامة، ويجب أن يتم القضاء عليها حتى يتحقق الإصلاح وحتى يعود اتخاذ القرار إلى أسسه الصحيحة، ويكون ملك السلطة الواعية التي تدرس كل المعلومات المتوفرة وتستطلع الرأي العام الشعب.

الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
تويتر  meshalmalek@
رابط المقال على جريدة الآن الإلكترونية

المواطن الفعال مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

هل في ظل هذه التغيرات العربية الحديثة التي طرأت على الوطن العربية أعدت الكويت سياسة خارجية معينة تتناسب مع هذه التغيرات، وهل أخذت الكويت في الاعتبار كيف سوف تتعامل مع محيطها الإقليمي والعالمي؟ ولاسيما في ظل ما تعاني منه الكويت من مشاكل داخلية اقتصادية وسياسية واجتماعية في ظل حكومه ضعيفه تكونت من حكومة أضعف حكومة همها الأكبر هو تحقيق المصالح الشخصية وتسييس جميع المبادئ العامة.
فالشعب الكويتي لايعرف ماذا يخطط له من قبل السلطة وإغراقه في كثير من الأزمات المصطنعة لصرف نظره عن الكثير من المهمات الحقيقية التي عليه أن يقوم بها وعن القضايا الرئيسية التي يجب أن يتبناها والتي تكون في صالح الشعب والحفاظ على الأرض والوحدة الوطنية لدولة الكويت.
فبعد أن اجتاح التغيير الكثير من الدول العربية رأينا أن هناك واقع جديد في هذا الدول أدى إلى وجود مواطن فعال مشارك في الحياة السياسية ومؤثر في صنع السياسة الخارجية لبلاده والأمثل على ذلك كثير في الدول العربية التي طالها الربيع العربي.
نعم المواطن العادي شريك في رسم السياسة الخارجية بالمحيط الإقليمي الذي يعيش فيه والمحيط العالمي فالسياسة الخارجية كما يعرفها (بيجانس روزيو): 'هي منهج للعمل يتبعه الممثلون الرسميون للمجتمع القومي من أجل إقرار أو تعقيد موقف معين في النسق الدولي بشكل يتفق والأهداف المحددة سلفا من فعل ورد فعل'.
وجميع الممثلون الرسميون للمجتمع القومي لا ينبغي أن يتصرفوا وفق هواهم فهم ممثلون للمجتمع القومي وللشعب فوزارة الخارجية الكويتية وجميع الإدارات الخاصة بالسياسة الخارجية من أكبر مسئول إلى أصغر موظف هم ممثلون للشعب فلا ينبغي أبدا أن نسمع الكثير من الشعارات التي انتشرت في الفترة الأخيرة السياسة الخارجية مع الدول الأخرى خاصة ببعض الأفراد في الدولة ولا ينبغي لأحد أن يتدخل فيها.
جميع الساسيات الخارجية للدول العالم تتعرض للانتقاد وتتعرض للتدخل من قبل الشعب وربما للتغيير والتطوير فلماذا يحاول المسئولون في الكويت أن ينتهجوا نهجا بعيدا عن المنطق ومخالفا لما يحدث في جميع دول العالم.
يجب أن يعلم المسئولون في الكويت أن السياسة الخارجية للدولة شيء يهم كل مواطن كويتي وليس حكرا على شخصيات معينة في الدولة ولأهمية السياسة الخارجية في أي دولة فإن أي مرشح للرئاسة سواء كان حزبا أو شخصا يجب أن يعرض على شعبه ما هو الجزء الخاص بالسياسة الخارجية في برنامجه حتى يتسنى للجميع إقراره رئيسا إو إقصاءه فلماذا تجنب الكويت المواطن العادي عن المشاركة في رسم سياسته الخارجية مع العالم.
سياسة الكويت الخارجية لا تحقق أي مبدا من المبادئ التي أسست من أجلها السياسة الخارجية الكويتية.
فالتحالفات الخاصة بالأمن السياسي والعسكري جميعها قائمة على تنازلات من قبل الجانب الكويتي أكبر وأهم من الإستفادة من هذه التحالفات إن أي سياسة خارجية للكويت يجب أن تبنى وتؤسس على الكرامة أولا وعلى مصلة البلاد ثانيا.
إن جميع المصالح الكويتية والقيم الإسلامية تعرضت للكثير من الضربات القاتلة في ظل هذه السياسة الخارجية الحالية وجميع الكيانات الخارجية التي شاركت بها الكويت ومارست من خلالها جزء من سياستها الخارجية مثل الجامعة العربية أو مجلس التعاون على المستوى الإقليمي أو حتى على المستوى العالمي كانت مجرد روتين سياسي لا يعود بالنفع على الكويت في شيء.
حتى استغلال السياسة المالية مع الدول الخارجية لم يعود بالنفع على الكويت فجميع المساعدات التي تقدمها الكويت لدول العالم لا تمكنها من إقامة تعاون علمي أو تكنولوجي يفيد البلاد أو يحدث نهضة حقيقية داخل مؤسساتها، إلى الآن الكويت عاجزة عن نقل أي خبرة علمية حقيقية لتطوير قطاع التعليم أو لتطوير قطاع الصناعة الكويتية أو لتطوير قطاع الصحة وإعداد كوادر حقيقية في شتى التخصصات.
ألا يكفي الكويت التحالفات العسكرية مع كبرى دول العالم فتلجأ إلى تقديم السياسة المالية مع الدول الأخرى والتي لا تعود بالنفع على المواطن العادي ولا تحقق الصالح العام للبلاد.
من مهام السلطة الحقيقية هي استثمار عوائد البلاد المالية خير استغلال وليس توجيهها بطريقة تنصب في خدمة غرض واحد بعيد عن تحقيق الصالح العام.
نعم المواطن الكويتي شريك في تكون السياسة الخارجية  ومن حقه مثل أي مواطن أن يشارك في رسم سياسته الخارجية مع العالم ولكن السلطة في الكويت لازالت تعتبر أن السياسة الخارجية بل والداخلية خط أحمر بالنسبة للمواطنين والنتيجة تردي الأوضاع وانهيار البلاد فيجب أن يكون هناك المواطن الفعال الذي يشارك في رسم السياسة الخارجية للبلاد لأنها جزء من السياسة العامة للدولة التي تمثل الشعب.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
رابط المقال على موقع جريدة الآن الالكترونية