الاثنين، 21 مايو 2012

استدارة ماكرة مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

مهما علم الناس أهمية وضرورة إقامة العدل ومهما تحدث عن مناقبه الجمة، إلا أن الباطل مازال قائما بأعوانه وظلمهم، ولكن لا يظهر أهل الباطل إلا في غياب أهل الحق لذلك قيل “لا قيام للباطل إلا مع غفلة أهل الحق”، ويقول جون لوك ” عندما ينتهي القانون يبدأ الطغيان ” ولكن لا يفرح أهل الباطل ولا يطمئنون عندما يظلمون الناس لأن الباطل نفسه جند من جنود الحق كما قال الداعية الشيخ الشعراوي “إن الباطلَ جندي من جنودِ الحق، لأنه حينما يعلو يؤلمُ الناسَ بشراسته، فيصيح الناس، أين الحق؟! فيظهر الله الحق”.
عندما نشاهد ونرى القوانين الخاصة بمحاكمة المسؤولين السياسيين في جميع الدول العربية نعلم جيدا أنها ليست قوانين لإقامة العدل بل هي قوانين لحماية الباطل، بل وعندما يكون هناك محاكمات تكون محاكمات هزلية معروفة نهايتها قبل أن تبدأ، وهذا لأن السلطة من البداية تعتبر نفسها قلعة حصينة مغلقة أمام الشعب مفتوحة أمام الصفوة الذين يملكون مفاتيح كل شيء يضعون ما يشاءون من القوانين التي تدعمهم وتحميهم وتفصيل القوانين هو السمة البارزة لهذا العصر وكأن أعضاء السلطة يقولون نحن وبعدنا الطوفان.
إن الطريق إلى السلطة مغلقة بسبب أعضاء السلطة المعصومون الذين لا يخطئون والذين يفصلون القوانين التي تدعمهم والتي تحميهم كيفما يشاءون فلا جدوى من اتهامهم ولا دليل على إدانتهم لأنهم يملكون جميع الأدلة ويسيطرون على جميع مصادر المعلومات ويصنعون الكثير من المسرحيات الهزلية التي تقلب الباطل حقا والحق باطلا.
الجميع رأى المحاكمات التي تحدث في الدول العربية والمتعلقة بمسؤولين سياسيين ويعلم مدى التهاون معهم ومدى التباطؤ والتواطؤ الذي يظهر التآمر ولا يقول أحد لي نزاهة القضاء لأن ضعف مؤسسات الدولة بأكملها وضعف الدولة ككل يدل على ضعف جميع المؤسسات والقطاعات ولا نستثني منها القضاء، لقد وقع هؤلاء المسؤولون في التناقض بسبب تواطئهم وفسادهم هل يعقل أن يتم استدعاء مواطن لأنه غرد تغريدة أو مواطن لأنه أبدى رأيه ويترك ويبرأ من ينهبون ثروات البلاد نهبا منظما فنحاسب الذي قال كلمة أو عبارة أو جملة ونعتقله على ذمة التحقيق ونترك من عبث بثروات البلاد وأهدر أموالها وأضعف قطاعاتها وهيئاتها ونشر الفساد في أرجائها وأركانها، هل وصلت القوانين إلى هذه الدرجة أن يحمي المسؤولون المفسدين ويلاحقون المفكرين والنشطاء؟
وعادة تقوم السلطة بفعل شيء غريب عند محاكمة شخصية سياسية وخصوصا إذا كانت من أعضاء السلطة ألا وهي طريقة المكر يستخدمون جريمة صغيرة مثل التورط في إهدار أموال أو تحويلات وعادة ما يبرأ منها المسؤول ولكنهم يستبعدون دائما المحاكمة على الاخطاء السياسية بل الجرائم السياسية التي تعصف بالشعب بأكمله وتضيع شؤونه، هل هذه محاكمات عادلة؟ هل هذا هو القانون؟ وهل القانون يسمح لمرتكبي الجرائم الكبرى أن يعيشوا في أمان ويحاسب المغلوب على أمرهم أصحاب الكلمة والرأي؟ ليس هذا بقانون.
إن حفظ أي قضية لمسؤول سياسي يجب أن يضع تحتها مليون خط و يجب ألا تمر مرور الكرام، نحن كدولة غاب عنها محاسبة المسؤولين فلم يحاكم وزير على مر تاريخ الكويت محاكمة حقيقية ولم يحاكم مسؤول سياسي أبداً على أي جرم سياسي ارتكبه وحينما كان هناك نوع من المساءلة تمت المساءلة على أشياء غير المسؤولية السياسية، فهذا يدل على أنه ليس هناك شفافية وليس هناك وضوح في الرؤية وإن السلطة إما متورطة وإما متواطئة لأنها تؤمن الطريق لكل من أجرم سياسيا بإضاعة شؤون الشعب ودفع البلاد إلى التخلف والفساد وتحاسب كل من يقول كلمة من أصحاب المعارضة السياسية وهذ كيل بمكيالين.
كفانا تمثيلا، كفانا خداعا، كفانا الاستدارات الماكرة التي تعودت عليها السلطة والتي سئمها الشعب فبعد أن قامت المعارضة لم تقم فقط من أجل قضية فساد واحدة، لقد قامت من أجل قضايا عديدة شلت مؤسسات الدولة ومن بينها فساد المسؤولين السياسيين الذين ضيعوا الأمانة فإنها قامت على أمل أن هناك قانونا سوف يقتص منهم ويدينهم بقدر الضرر الذي وقع على الوطن من فعلهم وعندما ندد الشعب بالحكومة وأطاح بها كان ينتظر أن تحدث طفرة في منظومة العدل وأن يتم النظر للجميع على حد سواء وأن يتم محاسبة المسؤول السياسي مثلما يحاسب أصحاب المعارضة السياسية وأن يكون الجميع سواء أمام القانون وليس لتأمين المسؤولين السياسيين من أي جريمة سياسية يرتكبونها وتتحايل السلطة وتلفت نظر الناس لجرائم اخرى ويتم التبرئة منها وحفظ القضايا.
إن تبرئة أي مسؤول من الجرائم السياسية التي ارتكبها يدل على أن الشعب كان على خطأ وكان هذا المسؤول هو الذي على الصواب وهذا مستحيل ولا يعقل بأي حال من الأحوال ولكن الذي آمن به الجميع أن أعضاء السلطة والمسؤولين السياسيين لديهم حصانة من السلطة وهم فوق القانون وسأذكر الجميع كلما يتم تورط أحد من أعضاء السلطة سوف يكون هناك استدارة ماكرة من السلطة لتبرئته وربما تصل إلى الانتقام ممن حاول مساءلته.
فعلى الشعب ألا ينتظر أبدا أن تقدم له السلطة حلا عادلا  تجاه أي مجرم سياسي من أعضائها ويجب أن يعمل الشعب على إرساء المبادئ العادلة في الفترة المقبلة مهما كانت هناك استدارات ماكرة من السلطة.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek

عزل الإرادة السياسية للشعب مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

دائماً يعكس الشعب الكويتي تجانس العنصر البشري الواضح المكون للدولة، وهذا التجانس سبب لترسيخ الوحدة الوطنية داخل الكويت، وذلك لوجود الكثير من القواسم المشتركة بين أبناء هذا الشعب من أهمها وحدة الأصل والثقافة ..الخ.
ورغم وحدة المجتمع الكويتي وشعوره العالي بالانتماء نجد أن هناك أزمة في غاية الخطورة تهدد أمنه واستقراره، ألا وهي أزمة تنظيم السلطة فإلى الآن لم يقدم لنا المسؤولون حلولاً واضحة وجذرية لتنظيم السلطة بشكل يجعل دولة الكويت تعيش نوعاً من الحداثة السياسية والتطور والرقي الذي وصلت إليه الكثير من الدول المتقدمة ويتيح للشعب أن يعبر عن إرادته السياسية وتكون واقعاً ملموساً على أرض الواقع.
ولكن تقابل السلطة أي إرادة سياسية للشعب بكم كبير من العراقيل والعقبات أمام هذه الإرادة فإلى الآن لا تمارس السلطة وفق سند قانوني صحيح يتيح للشعب ممارساتها وفق المبادئ العامة، وتلجأ أيضاً إلى مبادئ وقوانين استثنائية ثبت فشلها دولياً وتخلصت منها جميع الدول المتقدمة.
لقد أصبحت السلطة لا تعبر عن الإرادة السياسية الشعبية، فإن جميع المؤسسات في الدولة لا تؤمن بمبدأ طاعة الشعب ولا تؤمن بأن الشعب هو السلطة الحقيقية الواجب طاعتها ويرجع ذلك إلى السلطة الحالية التي كرست جميع قدراتها وقوتها للهيمنة على مؤسسات الدولة وإدارتها لمصلحة أفراد، حيث نجد أن السلطة محتكرة لصفوة معروفة يظهرون لنا في كل تعديل وزاري وكذلك أصبحت جميع مؤسسات الدولة محتكرة لصفوة معينة من الأفراد مما أدى إلى عزل الإرادة السياسية للشعب عن طريق حرمانه من المشاركة السياسية وأيضا من خلال تحويل مؤسسات الدولة إلى مؤسسات تخدم أفراداً بعينهم دون أن تعبر عن الشعب.
في ظل هذه العقبات التي تضعها السلطة أمام الإرادة السياسية للشعب لا يمكن أن تكون هناك تنمية حقيقية بل ومن الطبيعي أن يزداد التدهور ربما لدرجة الانهيار، إن السلطة تضع حواجز أمام الشعب في التعبير عن إرادته السياسية واختيارها اختياراً حراً وتتخذ من الممارسات غير القانونية التي تمارسها ضد الحريات وسيلة من ضمن الوسائل وأصبحت جميع المؤسسات متخصصة في تلك الممارسات البعيدة عن القانون لدرجة أنه أصبح ذلك تقليداً في جميع المؤسسات وصفة أساسية في مسؤوليها ومن بينهم موظفو الديوان الأميري وهي مؤسسة من المفترض أن تكون محايدة تمارس أنواعاً من الضغوط على المعارضين وخصوصاً من أبناء الأسرة.
لا يمكن أن نقبل القول إن التمثيل النيابي هو الديمقراطية فقط وهو الإرادة السياسية الحقيقية للشعب فإننا دولة من بين دول العالم ويجب أن نكون على قدر كبير من العلم والدراية بما وصلت إليه معظم الدول المتقدمة في تحقيق الديمقراطية والتنمية.
ما زالت السلطة الحالية تساهم في وضع البلاد في أزمة ربما لا يمكن الخروج منها بممارساتها وبقوانينها وبأدواتها ومؤسساتها التي أصبحت أداة مطيعة في يدها تستخدمها لعزل الإرادة السياسية للشعب.
وكل هذه الممارسات والعراقيل والعقبات التي تضعها السلطة أمام الإرادة السياسة للشعب هي السبب الرئيسي الذي سيؤدي إلى تفكيك الوطن مهما كانت هناك وحدة وطنية لذلك لا يوجد حل جذري لتحقيق التنمية ولإنشاء دولة حديثة إلا من خلال أن تكون الإرادة السياسية للدولة نابعة من إرادة الشعب وتعبيراً عن إرادته السياسية وفي جميع جوانبها ويجب على الجميع تفعيل هذا المبدأ، فإن دعم المبادئ العامة وإرسائها خير بكثير من الالتفاف حول أفراد يعملون لصالحهم الشخصي ولا يحققون الصالح العام.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek
رابط المقال على جريدة المستقبل

لا تزال الأزمة مستمرة مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

لقد ثبت من واقع الأحداث على أرض الكويت، وبعد مرور الأيام وطول المدى أن الأزمة لاتزال مستمرة والبلاد تتجه بسرعة كبيرة إلى التفكك والتدهور في ظل الأزمة المتشابكة التي رفض المسؤولون عن الحياة السياسية في الكويت أن يحلوها الحل الوافي الجذري السليم، وكانت هناك عوامل عدة لاستمرار هذه الأزمة.
العامل الأول هو الخطأ الذي وقعت فيه المعارضة الإصلاحية، وهذا الخطأ يتمثل في أنها تخلت بسرعة عن موقفها ولم تستمر حتى تحقيق كامل المطالب، المعارضة الإصلاحية تركت ساحة الإرادة عندما بدأ تحقيق المطلب الأول فقط وهو إقالة الحكومة ولكنها ظلت في أدراجها ولم تخرج لتستمر وتتابع تحقيق باقي المطالب فكان لابد أن تخرج مرة ثانية عندما علمت أن أفراد الحكومة الجديدة هم معظم أفراد الحكومة السابقة.
إن سبب وجود هذه الإرادة الشعبية الجارفة التي أطاحت بالحكومة وفرضت قوتها السياسية هو القضاء على الفساد ووقف التدهور وحماية موارد الدولة والمال العام، وهذا لا يتحقق إلا بأشخاص موثوق فيهم ولم يثبت تورطهم في تدهور البلاد في جميع المستويات، ولكننا نرى أن جميع منظومة الحكومة السابقة هي التي تتمتع بالنفوذ والإدارة والقدرة على اتخاذ القرار وهي في الوقت  نفسه المسؤولة عن تدهور البلاد.
ويجب أن يعلم الجميع أنه يجب أن يكون هناك استبعاد سياسي أو عزل سياسي لكل مسؤول تواطأ على الفساد وسمح بتدهور البلاد الفترة السابقة بدلا من مكافأتهم أو دعمهم واستمرارهم في مناصبهم. إن الاستبعاد السياسي لهؤلاء الأفراد هو حق من حقوق الشعب الكويتي الذي لابد أن يطمئن على أن مصالحه يديرها أشخاص اكفاء وليسوا فاسدين مجرمين.
دوران السلطة لتحقيق مصالحها الشخصية هو الذي جعلها تظهر بصورة متناقضة أمام الشعب الكويتي فبعدما تعهدت بتلبية مطالب الشعب عادة مرة أخرى لتلتف عليها بإعادة الحكومة القديمة بمعظم أفرادها ودعم الوكلاء والمديرين داخل جميع الوزارة والقطاعات بكل قوة للبقاء في مناصبهم، وكذلك تدعو للحرية وتمارس اضطهادا لكل من يحاول أن يعبر عن رأيه.
لقد خلق لنا هؤلاء المسؤولون الفاسدين نوعا من تداخل الاختصاصات بين مؤسسات الدولة بسبب دعم مجموعة من الافراد بالنفوذ لتحقيق مصالح شخصية داخل مؤسسات الدولة، وهذا التداخل هو الذي جعل الوكلاء والمديرين مستمرين كما هم داخل الوزارات، وهذا التداخل هو الذي جعل وكلاء ومستشاري وموظفي الديوان الأميري يمارسون نوعا من الضغوط على كل معارض خصوصا من داخل الأسرة.
إن أي مسؤول تولى مسؤولية عامة يصدر بناء عليها القرارات أو يعطي تعليمات أو يدير أي شيء من شؤون البلاد يجب أن يكون خاضعا للمحاسبة والتقويم، إن أخطأ يتم حسابه واستبعاده وإن أثبت الكفاءة يتم تحفيزه ومعاونته، ولكننا مع استمرار هذه الأزمة مازلنا نكافئ المخطئ ونترك الجاني ونعفي المجرم بل ونتركهم جميعا يستمرون بنفس ممارساتهم غير الأخلاقية وغير القانونية في نفس مناصبهم.
يجب ألا يكون هناك عصمة أو تقديس لأحد وكل من فعل فعلا يجب أن يسأل عما فعله ومن حق الشعب أن يغير نظرته القديمة عن المسؤولين وأن يتوجه للتقويم الحقيقي الذي يحقق الصالح العام.
ففي ظل هؤلاء المسؤولين الذين لا يعبرون عن الشعب والذين يضعون العقبات والعراقيل أمام كل من يتصدى للفساد ويكبتون الحريات وفي ظل هؤلاء المسؤولين الذين يستعينون بأعوانهم في إدارة المؤسسات ويخترقون كل الإدارات والوزارات وفي ظل دخول المعارضة الإصلاحية أدراجها في ظل كل هذا لاتزال الأمة مستمرة.
ويجب أن يعلم الجميع أن الكويت إذا استمرت تحت نفس هذه المؤسسات المتدهورة والإدارة المتدنية فإن مصيرها سوف يكون مجهولا وجميعنا سيسير إلى طريق مجهول إذا سلمنا أنفسنا لمسؤولين لايزالون في أماكنهم ولا تزال الأزمة مستمرة بل وتزداد تأزما.
يجب أن تعود المعارضة الإصلاحية ويعود الشعب مرة أخرى لكي يحدد رؤية مشتركة حقيقية تحدد مستقبل البلاد في الفترة القادمة قبل فوات الأوان.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek
رابط المقال على جريدة المستقبل

الإصلاح المغدور مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

كل التغيرات التي شهدها المجتمع الكويتي في المرحلة الأخيرة، وكل التحركات والنداءات التي أصر المجتمع الكويتي على توجيهها وتوصيلها إلى السلطة العليا كانت نابعة من حاجة الشعب الحقيقية للإصلاح، أي إن الإصلاح أصبح ضرورة حتمية لإحداث التوازن وتحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع وهو النواة العملية لوضع أسس دولة متقدمة.
وبما أن الإصلاح أصبح بهذه الأهمية للمجتمع فيجب على كل مسؤول بيده القرار ويجب على كل داع للإصلاح وعلى كل ناشط أن يتناول العديد من زوايا عملية الإصلاح وتشخيص كل الحالات المتعلقة به وحصر مختلف المتغيرات الحديثة، ومعرفة سبل وطرق الإصلاح، وتحديد تحدياته، ووضع الخطط المستقبلية المتطورة للتعامل معه في مختلف المراحل المقبلة.
فالإصلاح يجب أن ينظر له في سياق عام وأكثر عمقا ولا ينبغي أبدا أن ينحصر في شكل سطحي خارجي لا يؤدي الغرض المطلوب منه، ولا يكون ذلك إلا من خلال عملية إصلاحية يجب أن تخضع أولا للديمقراطية، حيث بمدى الاقتراب أو الابتعاد عن هذا الشكل السياسي الديمقراطي وبمدى التناسق أو التناقض معه تتحدد الثمرة الحقيقية من الإصلاح.
وفي  الوقت نفسه من الصعوبة أن يحدث الإصلاح إلا بإحداث تطوير على المستوى السياسي وفي  الوقت نفسه على المستوى المؤسساتي جنبا إلى جنب، فالإصلاح السطحي عاجز عن التحكم في عمق الدولة والسيطرة على مفاصلها لذلك لابد من إصلاح وتطوير مؤسساتي يحقق له الوجود والعمق الحقيقي لإحداث الإصلاح.
فيجب أن تجمع عملية الإصلاح بين مستوى التطور السياسي والتطوير المؤسساتي، بالإضافة إلى التطوير الثقافي ويجب أن تأخذ في الاعتبار شكل التنظيم السياسي للدولة والموارد الطبيعية، والأبعاد الاستراتيجية والسياسة الدولية والاقليمية والخصوصية الاجتماعية.
ولكن السلطة الحالية بوزرائها الحاليين نجحت في تسويق صورة متحجرة عن عملية الإصلاح واستطاعت اقناع الشعب الكويتي بأن هذه الصورة غير قابلة للتغيير أو التحويل، وفي  الوقت نفسه لم يتنازلوا ولو بقدر ضئيل للمجتمع في المشاركة بعملية الإصلاح.
البرنامج الحقيقي للوزراء الحاليين والإصلاح من وجهة نظرهم هو تصدر الصفحات الأولى للصحف المحلية بين الحين والحين، يصرح الوزير بأن الوزارة تعتزم فعل مشروع كذا وكذا ثم يعود مرة أخرى في الشهر المقبل ليقول نحن مستمرون في إنجاز هذا المشروع وهكذا وهكذا إلى أن يتوفى الله الأرض ومن عليها.
لماذا تحاول السلطة تصدير هذه الصورة غير القابلة للتغير عن عملية الإصلاح؟! لماذا يفرض المسؤولون علينا صورة غير منطقية؟! وهل يعتقد المسؤولون أن الشعب مقتنع بأن وظيفة الوزير هي التصريحات الإعلامية فقط دون إحداث هيكلة حقيقية للمؤسسات وإحداث تطوير مؤسسي شامل والنظر للإصلاح على أنه كل متكامل وليس بشكل سطحي؟
كيف مازال هؤلاء الوزراء يستعينون بوكلاء ومديرين ثبت فشلهم في إدارة مؤسسات الدولة؟ وكيف يعتقد هؤلاء الوزراء بأنهم قادرون على إحداث إصلاح في ظل مؤسسات متهالكة أثقلها الفساد في ظل وكلاء ومدراء يدعمون الفساد؟
هذا نداء من واقع حال الشعب الكويتي لكل الوزراء: إن مؤسسات الدولة أمانة في أعناقكم ومسؤولية تطويرها وهيكلتها واصلاحها هي مسؤوليتكم بواقع عملكم وإن تركتم وكلاءكم ومدراءكم الحاليين فهذا معناه تضييع الأمانة وإن تركتم المؤسسات كما هي بشكلها الحالي فقد ضيعت الأمانة ولن يسكت الشعب الكويتي ولن يسامح أي مسؤول أضاع مصالحه وفرط في أمانته.
ويجب أن يعلم الديوان الأميري أنه ليس بمعزل عما يحدث في مؤسسات الدولة فالتطوير يجب أن يشمله من جميع الجوانب لأنه لازال وكلاء الديوان الأميري وبالأخص المسئولين عن شئون الأسرة يمارسون الكثير من الضغوط بالاستدعاء والتحقيق مع أي فرد من الأسرة يعارض المسئولين السياسيين في الدولة بحجة أنهم من أبناء الأسرة. لكن يجب أن يعلموا شيء بديهي أن أي إنسان تولى منصب سياسي يجب أن يتعرض للنقد مهما كان سواء كان من الأسرة أو من خارجها، فجميع حججهم لإسكات أي إنسان عن التعبير عن الرأي وحرية الانتقاد حجج واهية وغير قانونية.
الإصلاح المؤسسي وهيكلة المؤسسات هي حجر الزاوية في عملية الإصلاح ولا يجب الصمت على مثل هذه الممارسات المشينة في جميع مؤسسات الدولة، وإن لم يتخذ الوزراء الإجراءات الفعلية للهيكلة والتدوير والتطوير في مؤسسات الدولة فهذا يدل على أنه لا يوجد لديهم نيه حقيقية للإصلاح. والشعب الكويتي لن يسامح كل مفرط أو مقصر وسوف يأتي اليوم الذي يتم فيه الحساب.
وعلى نواب الأغلبية داخل المجلس والتي كان لها دور بارز في إسقاط الحكومة السابقة وكان لها دور بارز في دعم الإصلاح أن تأخذ ملف الوكلاء والمديرين بعين الاعتبار وأن تضعه في أولوياتها لتحقيق الإصلاح الحقيقي.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek
رابط المقال على جريدة المستقبل

الفكر الاستبدادي مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

إن المساواة والعدالة والحرية والشورى المبنية على الدستور، هي دعائم المشاركة السياسية للشعب حيث لا بد أن يشارك المواطن حكومته في صنع مستقبله وتحديد مصيره، وهذه المبادئ بديهية ومعروفة طبقا لتعاليم الإسلام ولجميع الأنظمة السياسية الديمقراطية المتقدمة في العالم، وإن رفع الاستبداد والدكتاتورية التي تكرس الاتجاه الواحد يأتي من خلال العقول الواعية التي تحاول أن تعزز تدريجياً هذه المبادئ العامة التي تحدثنا عنها سابقاً، وتكون مسؤولية العقول الواعية تنظيم أساليب القيام بالإصلاح بدعم المبادئ العامة تمهيداً للتغيير السياسي الذي يؤدي لإصلاح شامل.
وهناك الكثير من المخاطر التي تواجه أصحاب العقول الواعية في مواجهة الاستبداد والفكر الذي يقوم على الاتجاه والواحد وهذه المخاطر يوضحها لنا عبدالرحمن الكواكبي بقوله “الاستبداد يقلب الحقائق فى الأذهان، فيسوق الناس إلى اعتقاد أن طالب الحق فاجر، وتارك حقه مُطيع، والمُشتكي المُتظلم مُفسِد، والنبيه المُدقق مُلحد، والخامل المسكين صالح، ويُصبح -كذلك- النُّصْح فضولاً، والغيرة عداوة، والشهامة عتوّ، والحميّة حماقة، والرحمة مرض، كما يعتبر أن النفاق سياسة والتحايل كياسة والدناءة لُطْف والنذالة دماثة”.
قد يصاب الإنسان بالدهشة عندما يشاهد الأحداث المتتالية المتلاحقة الدالة على ممارسات الحكومات المستبدة وطريقتها في معالجة الأمور وكيفية تعاملها مع أي معارضة سياسية أو أي تحركات شعبية نحو الإصلاح أو نحو المشاركة أو نحو التغيير، فإن الفكر في جميع الحكومات الاسبتدادية نفس الفكر والأدوات وأبرز أسلوب واضح تمارسه الحكومات الاستبدادية ضد معارضيها السياسيين أو القوى الشعبية تريد الاشتراك في الحياة السياسية هو قدرة هذه الحكومات على ركوب الموجة والالتفاف على مطالب الناس.
دائما تلجأ السلطة المتحايلة إلى إعادة إنتاج كيانها في حالة حدوث الاحتجاجات والتظاهرات الجارفة التي تطيح بحكوماتها ورأينا ذلك في كثير من الدول سواء العربية أو الأجنبية ذلك والواقع هو خير دليل على هذا الفكر، فالسلطة المتحايلة تقوم بالاستعانة بنفس الأفراد المنتمين إليها لقيادة الفترة الانتقالية الخاصة بالإصلاح وهذا ما حدث في الكويت كما حدث في جميع الدول التي تعرضت لتظاهرات واحتجاجات تطالب بالإصلاح.
وكذلك تسخر جميع مؤسسات الدولة لخدمة أفرادها المنتمين إليها والجميع يعلم أن مؤسسات الدولة منظمة وتمتلك من القدرات والإمكانيات ما يعزز موقف أي فرد تريده السلطة وكأن مؤسسات الدولة ملك لأفراد وليس للشعب حظ ولا نصيب فيها.
وأيضا استغلال الإعلام في تشويه صورة الإصلاحيين وقلب الحق باطلاً والباطل حقاً فجميع وسائل الإعلام في الكويت إما مثيرة للفتن والجميع شاهدها ويعلمها أو صوت حقيقي للسلطة تتحدث عن أمجادها غير الواضحة والتي لم يرها الناس وهذا الحديث لا ينقطع ليل نهار ولا جديد.
وأيضا تقوم السلطة بشيء واضح فبعد أن تسمح بقدر ضئيل من المشاركة الشعبية في الحياة السياسية مثل أن تسمح  للمعارضة بالاستحواذ على الأغلبية في البرلمان تبدأ السلطة المتحايلة في افتعال الأزمات المختلفة لتجعل الناس يفقدون الثقة فيمن اختاروهم وتهتز صورتهم ومكانتهم عند الشعب وبعدها يتسنى للسلطة أن تعود بقوة لحالها الأول ويعود الركود دون محاسب أو رقيب وهذا حدث بالفعل في الكويت ورأينا بعد أن حصلت المعارضة على الأغلبية زادت الاعتصامات والإضرابات وحجم التوتر والأزمات.
بالإضافة إلى ما سبق دائما ما تحافظ السلطة على مراكز اتخاذ القرار فجميع الوزارات والوزراء يلبون مطالب أشخاص وليس لهم علاقة بالشعب، وفي الكويت ما زال الشعب بعيداً كل البعد عن التأثير في اتخاذ القرار لأن الشعب إذا مارس دوره من خلال المجلس وهذا هو المتنفس الوحيد وقام المجلس بسحب الثقة من أي حكومة من الممكن أن يحل المجلس في أي لحظة وبالتالي فإن النظام السياسي في الكويت يعاني من خلل ويجب أن يكون على هذا الخلل رأس عمليات الإصلاح إن كان هناك إصلاح فعلاً.
فهذا الخلل الذي ساعد في رفع شخصيات فوق القانون وجعلهم يميزون في تطبيق القانون وبالشواهد من خارج الكويت وداخل الكويت نجد أن أي حكومة فاسدة تتبنى الاتجاه الواحد في إدارة البلاد تستعيد إنتاج نفسها بالحيلة والأساليب غير المشروعة وهذه الحكومات لا تقبل مشاركة الشعب في تحديد مصيره أو صنع مستقبله لأنها حكومة الاتجاه الواحد.
وإلا الآن لا تعلم السلطة في الكويت أن هذا الفكر ذا الاتجاه الواحد الذي لا يقبل الرأي الأخر أصبح واضحاً ومعلوماً بل ومدروساً ويفهمه الجميع وكأن السلطة تعيش في عالم آخر.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek