الجمعة، 13 أبريل 2012

انهيار النظام القانوني مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

إن الهدف الحقيقي من وجود القانون هو الحفاظ على الحرية الشخصية للفرد بقدر الإمكان، وكذلك تنظيم الأطر العريضة للعلاقات بين المواطنين من جهة والسلطة والمواطنين من جهة أخرى، وأيضا توفير احتياجات المواطن، وحماية المصلحة العامة في مقابل المصالح الشخصية التي تمثل خطورة على الوطن وأمنه العام، ويعتبر الدستور هو المصدر الرئيس للقوانين وتلتزم به كل القوانين الأدنى منه مرتبة في الهرم التشريعي، ولا شرعية للقوانين إذا خالفت مبادئ الدستور، والدستور يحدد اختصاصات السلطات الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية) ولذلك هو الحاكم الأعلى للبلاد حيث يجب أن يمتثل إليه الجميع ولا يسمح لأحد باختراقه أو تغييره إلا بإقرار الجميع الذين أقروا ما فيه من قبل.
ويؤكد لنا أهمية تحقيق العدل رد (تشرشل) عندما رفعت له الكثير من التقارير التي تخبره بالفساد الذي انتشر في مؤسسات الدولة بسؤال عن القضاء حيث سأل تشرشل وما أخبار القضاء عندنا؟ فقال له المستشارون إن القضاء متوازن ومعافى ولم يصل الفساد إليه، فقال اطمئنوا على بلدكم لأن القضاء هو الضمانة الأكيدة للعدالة وإشاعة الأمن وهو الذي يحمي الحريات وحقوق الإنسان وهو الذي يضمن سيادة القانون والمساواة بين الناس ويحقق الأمن والطمأنينة وحماية الأموال والأنفس.
والسلطة القضائية لابد أن تسير وفق الدستور ويعتبر مبدأ سيادة القانون أصل متأصل من الأصول الدستورية ويتطلب ذلك أن تكون جميع السلطات العامة القائمة لا تمارس أي سلطات أو صلاحيات إلا وفق قوانين مكتوبة، بحيث يكون القانون هو القوة العليا التي يتساوى أمامها الجميع من أكبر مسؤول في الدولة إلى أبسط مواطن عادي فالجميع له عمل يقوم به وفق القانون.
ولكن السلطة القضائية تحتاج الى جهات تنفيذية تساعدها في تطبيق القانون على أرض الواقع لأنه لا فائدة من وجود القضاء في ظل جهات ومؤسسات تنفيذية لا تطبق القانون على أرض الواقع وهنا يأتي دور النظام القانوني حيث يعتبر النظام القانوني هو الجهات التي تحافظ على تطبيق القانون بغض النظر عن صحة القوانين من عدمه ولكن عمله الأساسي هو تطبيق القانون على الجميع من دون تمييز، فهو ببساطة الجهات القائمة بالحفاظ على تطبيق القوانين.
ويمثل النظام القانوني القوة الحقيقية لتطبيق القانون على أرض الواقع وهو (السلطة بشكل عام لأنها مسؤولة بالتضامن عن أي عمل تقوم به السلطات الأقل منها والسلطة التنفيذية المسؤولة عن تطبيق القانون على أرض الواقع فهي الجهة التنفيذية) والمطلوب من النظام القانوني أن يستند إلى الدستور بقدر الإمكان بحيث يعلي مبدأ سيادة القانون وإن فعل غير ذلك فإنه يكون غير أمين على تطبيق القانون ويلغي دور السلطة القضائية التي هي منوطة بتحقيق العدل وبالتالي يفقد مصداقيته أمام الناس وبسبب وجود عيب قاتل في الذراع المسؤولة عن تطبيق القانون على أرض الواقع وهو التمييز في تطبيق القانون لذلك يبدأ انهيار النظام القانوني وتنهار الدولة لأن تطبيق القانون هو الدعامة الحقيقية التي تدعم الاستقرار ومن بعدها الفوضى.
ولو نظرنا إلى النظام القانوني في دولة الكويت وهو المسؤول عن تطبيق القانون على أرض الواقع والذراع التي تنفذه بالجهات والمؤسسات التي تساعد القضاء على التطبيق الصحيح للقانون نجد أنه يشوبه التمييز في تطبيق القانون وبالتالي تكون هذه الجهات غير أمينة في تطبيق القانون متسببة في انهيار النظام القانوني للدولة. وهناك مستويان للتمييز: المستوى الأول من التمييز وهو إعلاء شخصيات بعينها فوق القانون وفوق المحاسبة وهذا يخرق مبدأ سيادة القانون الذي يحتم أن يتساوى الجميع أمامه فنجد القائمين على النظام القانوني هم الذين منوط بهم الحفاظ على تطبيق القانون على أرض الواقع يوفرون الحماية لأشخاص ثبت تورطهم في قضايا فساد مالي وإداري تسبب في تأخر البلاد وتم التشكيك في ذمتهم المالية ونجد هؤلاء الأشخاص الذين أصبحوا فوق القانون في مكانة عالية في المجتمع كأنهم تم مكافأتهم بعد أن أطاح بهم الشعب وهذا تمييز في تطبيق القانون بل إنه تعدى ذلك بتوفير الحماية لأشخاص اخترقوا القانون.
المستوى الثاني من التمييز في تطبيق القانون يأتي على مستوى المواطن العادي حيث نجد الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون تتعامل بكل حزم وجدية مع أفراد بعينهم وتحاصرهم بالاعتقال والحبس وفي المقابل نجد أنها تتهاون وتتراخى مع أفراد آخرين عن عمد وقصد وتغض الطرف عنهم بل وفي بعض الأحيان يتم مساعدتهم للإفلات حتى من المساءلة أو الاتهام وهذا يتنافى مع دور النظام القانوني للدولة الذي يبنى على إعلاء مبدأ سيادة القانون وأن يكون الجميع سواء أمام القانون.
ولا يفهم أحد من ذلك أننا نشجع أي إنسان على اختراق القانون بل بالعكس نحن نطالب بأن يكون هناك مساواة في تطبيق القانون وهذا أصل من الأصول الدستورية ومبدأ عام.
وبسبب هذا التمييز من هذا النظام القانوني المتمثل في السلطة ينهار النظام القانوني فتضيع الحرية الشخصية للفرد وتتوتر العلاقات بين المواطنين، ولا تلتفت السلطة لاحتياجات المواطن، ويتم دعم المصالح الشخصية للمستفيدين ويهدد أمن البلاد العام بسبب انهيار النظام القانوني.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek

الأحد، 8 أبريل 2012

كويت بدون شباب وطن بلا مستقبل مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

إن الشباب يجب أن يعمل بفهم حقيقي لواقع الكويت وما تقتضيه عملية التنمية من مهارات ، ولابد أن يسانده في ذلك العلم والامكانات، والدولة للأسف الشديد تحصر علم الشباب وإمكاناته ومهاراته في نطاق ضيق، وبالتالي لا يحقق الغاية المرجوة منه وتضيع هذه الثروة البشرية الثمينة بسبب عدم ترشيدها وتوجيهها من قبل المسئولين معدومي الضمير، هؤلاء المسئولون الذين يحولون النعم إلى نقم، وبدل أن يمهدوا الطريق أمام الشباب يضعون السدود العالية والعقبات المنيعة أمامهم.
إن طموح الشباب دائم دون كلل أو ملل للخروج بالكويت من النفق المظلم والواقع الأليم الذي كان السبب فيه المتآمرون على الوطن ممن يدعون أنهم قادة ويزايدون على تحقيق الصالح العام ليل نهار بتصريحاتهم الرنانة التي لا ينال الشعب منها إلى الكلام فقط، فهؤلاء هم الذين يقفون أمام طموح الشباب الذي يدفع الكويت إلى الأفق بلا حدود، فلا يقابل طموح الشباب إلا بجهود وممارسات هؤلاء المسئولين الذين يضعون لكل شيء حدودا ويقضون على أي طموح.
لقد غاب عن المسئولين أن يكونوا المثل والقدوة للشباب وسط هذا الكم الهائل من التورط في قضايا الفساد والأداء المتدني من جميع أفراد السلطة وكل من تقلد منصبا عاما بهدف خدمة البلاد، لم يقدم المسئولون نموذجا يحتذى للشباب ولكن قدموا نموذجا مشوها من فئة مسيطرة على السلطة هدفها الأول والأخير المصلحة المادية الشخصية البعيدة عن أي أخلاق أو بعد اجتماعي ، وقضايا الفساد وانتشار الفساد بجميع أنواعه تؤكد ذلك.
ويقف المسئولون أمام كل فكر حر جريء بالرغم من النداءات والوعود الكاذبة التي سمعناها من جميع المسئولين الذين تحدثوا عن الاهتمام بالشباب نجدهم يفعلون عكس ذلك، فالشباب في الكويت يحارب فكريا وتمارس عليه رقابة فكرية ، فجميع وسائل الإعلام مبرمجة لخدمة السلطة سواء خاصة أو حكومية وكما قال جوزيف جوبلز ” أعطني إعلاما بلا ضمير أعطك شعبا بلا وعي” هناك رقابة من السلطة التي من المفترض أن تكون متصدية لكل هذه الممارسات بدل من أن تكون هي التي تمارسها بالإضافة إلى جهات أخرى تفرض الرقابة على أي اتجاه آخر غير الاتجاه السائد ، بمعنى أن هناك حجرا على المعارضة السياسية وبالتالي رقابة على فكر الشباب الذي لم يجد متنفسا إلا تويتر الذي وصلت إليه أيضا يد المسئولين وبدأت عمليات الاعتقال والمساءلة.
وهناك اتجاه سائد في السلطة الكويتية أيضا هو تهميش الشباب سياسيا حيث أننا نعيش في هذا العصر بما فيه من تقدم وحداثة في العالم ومازلنا تحت سيطرة فكر يفرض وصاية على الشباب من خلال القوانين التي عفى عليها الزمن ، فالقانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة يحدد سن الناخب بأنه البالغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية كاملة ويستثنى من ذلك أيضا رجال القوات المسلحة والشرطة الذين يصبح عمرهم يزيد على 21 عاما بهدف تقليل الشريحة التي من حقها الانتخاب وأيضا للجور على حق الشباب في الانتخاب الذي من المفترض أن يبدأ حقه في الانتخاب من سن الثمانية عشرة عاما.
أي أن الشباب مهدر بين تدهور قطاع التعليم ومهدر أيضا بسبب التجاهل السياسي بإبعاده عن المناصب السياسية والقيادية ، ووصل الأمر إلى أكثر من ذلك عندما تم تخفيض الشريحة التي من حقها الانتخاب في مجلس الامة من الشباب واشتراط سن الانتخاب 21 عاما وبعد كل ذلك فإن المجلس تأثيره محدود جدا في السلطة.
وكل ما نراه من مؤتمرات ونداءات من كبار المسئولين في الدولة هدفها دعم الشباب أو النهوض به مجرد دعاية إعلامية الهدف منها كسب الرأي العام وتخديره وإخماده ، وإلى الآن لم يضع أحد من المسئولين الحاليين في السلطة القواعد الحقيقية للنهوض بالشباب وجعلهم الدافع للتنمية.
وبما أن الشباب هو مستقبل الأمة وجميع المسئولين الحاليين يهدرون هذه الطاقة الهائلة فهذا معناه أننا نعيش في وطن بلا مستقبل والفضل لأصحاب السلطة وقيادتهم الرشيدة! الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
الشيخ / مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek
رابط المقال على جريدة المستقبل 

الاثنين، 2 أبريل 2012

استغلال صلاحيات الدولة وانتزاعها مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح



استغلال صلاحيات الدولة وانتزاعها
الشرعية كلمة مشتقة من الشرع أي ما يتفق مع الشرع، وتستخدمت حديثا بمعنى "خلع الصفة القانونية على شيء ما" فالشرعية الدستورية هي أن يكون الدستور هو القانون الأسمى وهو المرجع لتحديد صلاحيات واختصاصات مؤسسات الدولة والقائمين عليها، بحيث تصبح جميع المؤسسات والقائمين عليها خاضعة للدستور تعمل في إطاره لا يخرج عليه أحد بأي حال من الأحوال، والدولة نفسها في ظل الشرعية الدستورية تعتبر مؤسسة ومكونة المؤسسات، والدستور يتم وضعه من قبل سلطة مؤسسة وهي سلطة الشعب لذلك تظل سلطة الشعب أسمى وأعلى من جميع السلطات.
والشرعية السياسية هي المتعلقة بتوقيت وأسس وكيفية ممارسة الحكومة للسلطة الشرعية في المجتمع ومدى إكتساب هذه الشرعية من الشعب أي في جميع الأحوال الشعب هو الأساس وكل من يقوم على السلطة ما هو إلا عامل عليها لصالح صاحبها الأصيل هو الشعب.
وكلمة المشروعية في حد ذاتها تعتبر صفة لكل ما يؤسس على القانون والعدالة أي أن كل من تولى منصب قيادي سياسي أو إداري أو غير ذلك لا يقوم إلا بالصلاحيات التي تتوافق مع القانون والدستور وفي نفس الوقت هو مسئول بنص الدستور والقوانين عن فشل أو نجاح العمل الذي يقوم به.
ولكن هل الصلاحيات التي تمتلكها مؤسسات الدولة وفق القانون يمكن أن تستغل في مكانها الخاطئ بالطبع هذا تحايل على القانون والتفاف على المبادئ الدستورية لأن جميع الصلاحيات التي تمتلكها الدولة يجب أن تسخر وتوجه لخدمة الصالح العام وتوظف في مكانها الصحيح.
ولكن وكأننا نخترع أنظمة جديدة في إدارة البلاد وكأن المسئولين يضعون لنا نسق وميثاق اجتماعي ما أنزل الله به من سلطان ألا وهو انتزاع صلاحيات الدولة المخولة بها وفق الدستور لصالح اشخاص معينين في السلطة يستغلوها كما يشاءون بعيدين عن الدستور والقوانين.
فكل مسئول في السلطة يتولى منصب يتخذه أداءة لتحقيق المصالح الشخصية فيقوم وفق الصلاحيات المخولة له لخدمة أفراد بعينهم وتهميش أفراد أخرين ويقوم بتقديم الامتيازات لأشخاص بعينهم وحرمان أشخاص أخرين هذا هو الطابع العام في مسئولي السلطة التنفيذية الذين لا يقيمون وزنا لقانون أو مبادئ.
إن الاختيار من الأساس مبني على مبدأ الولاء والمصالح وحماية بعض المستفيدين في الدولة لذلك جاءت هذه الحكومة فلو أن هذه الحكومة كانت نابعة من الشعب ومعبرة فعلا عنه لما تركت أصحاب المصالح والمستفيدين الفاسدين يعبثون بثروات البلاد، فجاءت حكومة تغض الطرف عنهم وفي نفس الوقت كل ما تملكه من صلاحيات توظفه وتسخره في خدمة هؤلاء المستفيدين وأصحاب المصالح.
وأنظر إلى مؤسسات السلطة التنفيذية جميعها تحتاج إلى هيكلة جميعها تحتاج إلى إعادة بناء جميعها تحتاج إلى تطهير ولكن لا يستطيع أحد أن يجرؤ على فعل ذلك تدرون لماذا لأن هؤلاء هم الصف الحقيقي الذي يؤمن ظهر المستفيدين واصحاب المصالح وهم الذراع الحقيقية التي تحول جميع إمكانيات الدولة لخدمة بعض الفاسدين الذين يعملون في الخفاء بعيد عن الشرعية، أتحدى أي وزير يقوم بتغيير وكلائه أو مديرينه لأنه ما هو إلا صورة لا يمتلك من منصبه شيء لقد اتضحت الرؤية.
ومن يفسر لي وجود مؤسسات ذات طبيعة خاصة في الدولة تدير نوع من المصالح مع أصحاب المناصب في السلطة التنفيذية وغيرها ومع بعض المواطنين في نطاق خارج على القانون مثل الديوان الأميري الذي يتبنى ممارسات الهدف منها إحكام التدخل في شئون السلطة التنفيذية وإدارة البلاد من مؤسسة واحدة دون إشراك جميع المؤسسات في اتخاذ القرار، وفي نفس الوقت نجد أنه بعيد عن المحاسبة فلا أحد يسأله عن عدد القسائم التي تخصص له وإلى من يهديها وبكم يبيعها وفيما يستغلها كل هذا يتنافى مع المبادئ العامة التي تطلب الحفاظ على المال العام بخلاف ما يقوم به من دور رقابي غير قانوني على وسائل الإعلام.
لا يمكن تحقيق أي إصلاح بدون هيكلة مؤسسات الدولة والوقوف من جميع المؤسسات على حد السواء بما فيها الديوان وإقصاء كل من تورط في التعاون مع لوبي الفساد الذي أغرق البلاد، والرجوع إلى الشرعية الحقيقية التي تنبع من الشعب وهدفها الأول والأخير خدمة الشعب، وكذلك يجب التصدي لكل منتزع لصلاحيات الدولة حتى لو كانت مؤسسة ذات طابع خاص والتصدي لكل مستخدم صلاحيات الدولة لصالحه الشخصي وكأن ما استولى عليه من مناصب ميراث لا يجب التفريط فيه ولا يستخدمه في خدمة الصالح العام فيجب إعادة الأمور في نصابها الصحيح ولو كره المستفيدون منتزعو صلاحيات الدولة.
الشيخ مشعل مالك محمد الصباح
 تويتر @meshalmalek

رابط المقال على جريدة المستقبل


إنها السلطة مقال للشيخ مشعل مالك محمد الصباح

إن كلمة {السلطة} تطلق على أغلب حالات القيادة، ولا تُطبق السلطة إلا بالاستناد إلى قوة اجتماعية معينة، تقوم هذه القوة بمعاقبة أي شخص لا ينصاع إلى السلطة أو يهددها، وقد تغير هذا المفهوم نوعا ما حيث كان الفكر السائد وفق الميثاق الاجتماعي وهو أن يتنازل الأفراد عن صلاحياتهم للسلطة، أما الآن فإن البنية الاجتماعية تغيرت فأصبحت تقوم على التعاون المنظم بين أفراد الشعب، بحيث يكون هناك توازن بين قوى السلطة والشعب ، فالسيطرة مشتركة ومقسمة بينهما بالتساوي، حيث يجب تقييد صلاحية النظام السياسي وجعله خاضعا لسلطة الشعب ليمارس الشعب الصلاحية على نفسه بشكل غير مباشر عن طريق السلطة، وذلك لأن الإنسان بطبعه لايستطيع امتلاك الصلاحية طوال الوقت لأنه إذا سيطر على جميع الصلاحيات طوال الوقت سرعان ما يتحول ويتغير إلى الاستبداد والتحكم إذا كانت الصلاحيات مطلقة.
ومن ناحية أخرى ، إن كل ما نراه من انقلابات أو ثورات أو انتفاضات أو احتجاجات أو إضرابات .. إلى أخره من أشكال الاعتراض على السلطة ناتج عن الإفراط الظالم في استخدام السلطة الصلاحيات المطلقة التي تمارسها على الشعب بشكل غير متكافئ، ولكن تعتبر الانقلابات صراعا على السلطة ورغبة في انتزاعها بالقوة مهما كان أصحابها يحملون رؤية معينة أو طموحا معينا أو حتى مجرد نزوة، وتبقى الثورات تعبر عن إرادة الشعب النابعة من شعوره بالظلم والقهر والاستبداد بالرأي وتبقى هي الوسيلة الأكثر شرفا والأكثر مروءة في يد الشعب للإطاحة بالسلطة المستبدة التي تمارس صلاحيات مطلقة ضد الشعب.
ولقد رأينا على مر التاريخ سلسلة من الانقلابات والخلافات ، ولعل هذا يبرهن على شيء واحد مهم وخطير هو أن هناك طرفين مـاثلين هما السلطة المستبدة والنزاع على السلطة، الطرف الأول السلطة القائمة التي تحاول أن تحكم سيطرتها بالكثير من الوسائل المشروعة وغير المشروعة والطرف الثاني هي القوة الشعبية التي تحاول أن تحدث نوعا من التوازن الذي يقيد صلاحيات السلطة المستبدة ويعيدها إلى رشدها أو ينتزعها.
وإذا نظرنا إلى الوسائل التي تستخدمها السلطة المستبدة نجد أن السلطة الكويتية تقوم بها وتستخدمها جميعها؛ فمثلا نرى السلطة تفتعل الأزمات فما أكثر الفتن المتعاقبة الواحدة تلو الأخرى فمن فتن مفتعلة للنيل من وحدة القبائل وإثارة العداء بينها وفتنة أخرى تثير روح الكراهية والعداء بين المذاهب في الدولة وذلك بزرع عناصر الفتنة واستخدامها في أوقات معينة ، وفتنة أخرى من خلال استغلال الإعلام الفاسد الذي يمثل سيفا مسلطا على رقاب كل معارض للسلطة ، وطبعا كل هذه الفتن لإشعار المواطن بالخوف وانعدام الأمان واللجوء إلى السلطة المستبدة ليحتمي بها، وفي نفس الوقت لتفكيك أواصر المجتمع فلا يوجد بين افراده تعاون ولا قوة تدفعه للمشاركة في السلطة ولا يخفى على أحد تحايل السلطة على الشعب الكويتي فجميع المطالب الشعبية إن لم تنتزع بقوة شعبية ضاغطة فلن تتحقق ولن يكون لها معنى عند السلطة وكذلك الالتفاف على الحركة الإصلاحية ومهاجمة رموزها وعدم تلبية مطالبها بالشكل المرضي وعدم تعاون مؤسسات الدولة مع المجلس الحديث واستمرار نفس الشخصيات المسيطرة على المؤسسات لصالح السلطة للسيطرة وليس لتحقيق الصالح العام.. كل ذلك معناه التحايل على الشعب، وكذلك تمت مواجهة الحركة الإصلاحية بكم هائل من إثارة الفتن بين فئات ومذاهب الشعب وذلك لوضع الشعب في حالة ترقب دائم ضد العدو المجهول الذي اختلقته وابتكرته السلطة وليس له أي أساس من الواقع، ولكن كل هذا ليؤجل الشعب المطالبة بحقوقه.. هذا بخلاف خلق أزمات اقتصادية، أليس من الغريب أن تعاني الكويت من التضخم الذي أحدث فجوة بين الرواتب ومتطلبات المواطن الكويتي اليومية وظهرت هذه الفجوة بشكل واضح في المرحلة الحالية ورأينا الأزمات المفتعلة التي تهدد المواطن العادي الذي استطاعت السلطة أن توصل له صورة خاطئة وهي أن ما قام به الشعب من احتجاجات واعتصامات هو السبب في تلك الأزمات وهو الذي يهدد أمن المجتمع وسلامته، وبهذه الأفعال يغرق المجتمع في بحر الأزمات المفتعلة وشعور الشعب بالإحباط والخسارة واليأس، ولكن هذه الحسابات أصبحت خاطئة لأن كل هذه الممارسات ستكون هي الدافع الذي يجعل الناس تأخذ حقها المغتصب بالقوة.
إن ما نراه من تغلغل السلطة في مؤسسات الدولة واحتكارها لشخصيات معينة ما هو إلا إحكام للسيطرة ولجعل المواطن في حاجة دائمة للسلطة من خلال الابتزاز والاحتكار الذي تمارسه السلطة.
إن عدم الاستعانة بالكفاءات واستخدام المستشارين الذين يفصلون القوانين كما تشاء السلطة دليل على أن ما تمر به الكويت ما هو إلى إحكام للسيطرة على السلطة لأكبر قدر ممكن.
وكذلك إن العشق المفرط والشغف بالسلطة الذي يجعل أصحابها يقتلون من أجلها ومن أجل استمرارهم في الاحتفاظ بها قديما وهذا الحدث ليس من الكويت ببعيد والتاريخ شاهد عليه .. فعشق السلطة يجعلهم الآن يقومون بأي شيء لإخضاع الشعب بأي وسيلة. إن الولع والشغف بالسلطة والاستمرار فيها والتوغل في جميع مؤسسات الدولة الحكومية والخاصة هو الذي جعل السلطة الحالية تستبعد كل صاحب رأي مخالف وتهمش دور الشباب وتهمش الكفاءات، وبالتالي تهمش كل الشعب وأصبحت السلطة ممارسات لإحكام السيطرة وتكريس الاتجاه الواحد الذي سوف يؤدي بالتأكيد إلى الأزمة الكبرى.
إنها السلطة.. هذا البريق الذي يجعل من يمارسها يحتفظ بجميع الصلاحيات ويحرم الشعب من جميع الصلاحيات.. إنها السلطة التي تجعل من يمارسها يستخدم مبدأ “الغاية تبرر الوسيلة” وينسى جميع المبادئ .. إنها السلطة التي تجعل من يمارسها دائما في نزاع لاغتصاب حق الشعب والحد من قوته وتأثيره.. حقا إنها سلطة وإن ما نراه على أرض الكويت من المسئولين ما هو إلا ممارسات للاستمرار بكل قوة ممكنة للاحتفاظ بالسلطة وليس ممارستها لصالح الشعب.
الشيخ / مشعل مالك محمد الصباح
@meshalmalek

رابط المقال على جريدة المستقبل 

لقاء الشيخ مشعل مالك محمد الصباح السياسي مع جريدة المستقبل

لقاء الشيخ مشعل مالك محمد الصباح  السياسي مع  جريدة المستقبل

رابط اللقاء على الجريدة